أصدقاء دروب

ترسين ليست الأخيرة.. فهل يتعلم السودان من الطين؟؟؟

كتبت / تماضر بكري

بالقلب المثقل بالحزن، وبعينٍ لا تكفّ عن البكاء، نكتب عن قرية ترسين التي اختفت تحت تراب جبل مرة، لا بفعل الزمن، بل بانهيار أرضي مفاجئ حوّل الحياة إلى صمتٍ مطبق. كانت ترسين تنبض بالحياة، بأطفال يركضون بين الأشجار، وأمهات يخبزن الخبز على نار الحطب، ورجالٍ يزرعون الأمل في أرضٍ طالما قاومت الجفاف والحرب. ثم جاء الطين، وانزلق الجبل، وابتلع كل شيء…. مابين السطور مؤلم…. ولكن…

* بين الحقيقة والشعور الإنساني*

الحقيقة تقول إن أكثر من ألف إنسان فقدوا حياتهم في لحظة واحدة، ولم ينجُ سوى شخص واحد. لكن الشعور الإنساني لا يكتفي بالأرقام. إنه يرى في كل ضحية قصة، وفي كل بيتٍ منهار حلمًا تبخّر، وفي كل صرخة تحت الركام وجعًا لا يُحتمل.

– الفقد هنا ليس فقط في الأرواح ، بل في الهوية، في الذاكرة، في المكان الذي كان شاهدًا على أعراس ومآتم، على مواسم الحصاد وعلى ليالي الشتاء الطويلة.

– الكارثة ليست فقط بيئية ، بل هي إنسانية، سياسية، وأخلاقية. لأن غياب الإنذار المبكر، وغياب الدولة، وغياب التضامن، كلها عوامل جعلت من ترسين ضحية مضاعفة.

* الوضع الرسمي بين الحكومة والحركات المسلحة*

في ظل هذه المأساة، برزت مواقف متباينة من الحركات المسلحة تجاه كارثة ترسين، تعكس واقعًا سياسيًا معقدًا:

– حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور ، وهي غير موقعة على اتفاق جوبا للسلام، أطلقت نداءً إنسانيًا عاجلًا للتدخل الدولي، مؤكدة أن غياب الدولة المركزية في جبل مرة ساهم في تفاقم الكارثة.

– أما الحركات الموقعة على الاتفاق ، فرغم التزامها بالشراكة مع الحكومة، تواجه تحديات في التنسيق والاستجابة للكوارث وسط تصاعد الخلافات السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة.

هذا التباين في المواقف يعكس انقسامًا في الرؤية ويضعف الجهود الموحدة لمواجهة الأزمات البيئية والإنسانية، ويزيد من هشاشة المجتمعات في مناطق الهامش.

* بين المركز والهامش

ما حدث في ترسين يعكس التوتر التاريخي بين الدولة المركزية وأطرافها المهمشة. دارفور، التي كانت سلطنة مستقلة حتى عام 1917، لم تغير  كل الاتفاقيات في واقع المنطقه وسكانها حيث طبيعة الصراع وتلكؤ الحكومات وتفريخ الحركات…

– الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع زادت من تعقيد المشهد، وأضعفت قدرة الدولة على الاستجابة للكوارث الطبيعية.

– الحركات المسلحة، التي نشأت من رحم المعاناة في الأرياف، تجد نفسها اليوم في مواجهة مع الدولة التي وعدت بالشراكة، لكنها تمارس الإقصاء.

حبر على ورق..

هل يلبي العالم  النداء وقد  أعلن السودان التزامه باتفاقية باريس للمناخ التى وقعها مجلس السياده ، سعيًا للاستفادة من الدعم الدولي في مواجهة آثار التغير المناخي، مثل التصحر والانزلاقات الأرضية. ورغم هذا الالتزام، لا تزال الاستجابة للكوارث الطبيعية محدودة، في ظل ضعف المؤسسات وتداعيات الحرب.

والحقيقه والواقع المر😭😭

ترسين ليست مجرد قرية، إنها مرآة لواقع سوداني يتأرجح بين الأمل والخذلان. بين وعود السلام وواقع الحرب. بين خطابات التنمية وصمت القبور. وما لم تتحرك الدولة والحركات المسلحة معًا، بروح المسؤولية والإنسانية، فإن ترسين لن تكون الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى