تفاصيل جلسة مجلس الأمن بخصوص السودان

(دروب) 30 أكتوبر 2025 – ندد أعضاء مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، بالهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر وانتهى بسيطرتها على المدينة، وسط تقارير عن انتهاكات واسعة ضد المدنيين.
وعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس اجتماعا تناول الأوضاع في السودان في ظل التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور، حيث استمع الأعضاء إلى إحاطة من مسؤوليْن أمميين قبل عقد مشاورات مغلقة تحدث فيها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان. كما قدمت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان تقريرها إلى الجمعية العامة.
وأصدر أعضاء مجلس الأمن بياناً أدانوا فيه الفظائع المبلغ عنها التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية، ودعا الأعضاء إلى محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات.
وجدّد أعضاء مجلس الأمن التأكيد على أن الأولوية تكمن في استئناف المحادثات بين الأطراف للتوصل إلى وقفٍ دائمٍ وشاملٍ لإطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية شاملة يملكها ويديرها السودانيون أنفسهم.
وحثّ الأعضاء جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن أي تدخل خارجي من شأنه إذكاء الصراع وزعزعة الاستقرار، وعلى دعم الجهود الرامية إلى تحقيق سلامٍ مستدام.
إبادة جماعية
وفي الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا إن قوات الدعم السريع وحلفاءها “ارتكبوا إبادة جماعية”، مضيفة أن قتلهم الممنهج للرجال والفتيان، “حتى الرضع، واستهدافهم المتعمد للنساء والأطفال بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي” له دوافع عرقية.

وقالت إن الولايات المتحدة تدين “هذه الفظائع البغيضة بعبارات لا لبس فيها”، وشددت على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها، بما في ذلك من خلال العقوبات.
وأضافت شيا أن الوقت قد حان لتحديث قائمة العقوبات المفروضة على السودان، مضيفة أنه يجب على مجلس الأمن استخدام جميع الأدوات المتاحة له لتيسير التوصل إلى السلام في البلاد.
ودعت الأطراف المتحاربة في السودان إلى وقف الأعمال العدائية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء البلاد وحماية المدنيين، وقالت: “لا يكفي أن تقدم قوات الدعم السريع التزامات إنسانية. يجب عليهم تنفيذها”.
وقالت شيا إن إنهاء الحروب “أولوية للرئيس ترامب”، وإن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بالعمل مع شركائها وأصحاب المصلحة الآخرين لحل الأزمة.
اجرام منظم
المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، قال إن “مدينة الفاشر أصبحت رمزا جديدا للمأساة الإنسانية التي يصنعها الإجرام المنظم لقوات الدعم السريع الإرهابية ومن يرعاها ويقف خلفها ويمولها ويغذيها بالسلاح والمال والمرتزقة، والإسناد السياسي والدبلوماسي والإعلامي”.
وأضاف أن “بعض الفاعلين الدوليين اختاروا أن يساووا بين الدولة السودانية ذات السيادة وبين مليشيا متمردة تم وصمها بالإدانة والتقتيل الممنهج، مما شكل خطأ أخلاقيا وسياسيا وقانونيا فادحا”.
ونقل دعوة بلاده للمجلس للإدانة الصريحة والقاطعة للمجازر التي “ارتكبتها قوات الدعم السريع ومرتزقتها الأجانب وداعموها الإقليميون” في الفاشر وعموم السودان بلغة صريحة ومشددة.

ودعا كذلك إلى تصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية وفقا للمعايير الدولية لمكافحة الإرهاب، وتجريم كل من يتعامل معها أو يمدها بالسلاح أو المرتزقة أو المُسيرات ويسمح لعبورها عبر حدودهم، فضلا عن “فرض عقوبات مستهدفة على كل من يمول هذه المليشيا أو يمدها بالسلاح أو يوفر لها الملاذ الآمن من الدول والأفراد وهم معروفون لديكم”.
ودعا أيضا إلى دعم خارطة الطريق التي قدمتها حكومة السودان للأمين العام للأمم المتحدة ودعم حكومتها الانتقالية الحالية، وإدانة “الطيران الأجنبي الذي تدخل طوال الأسبوع الماضي داعما لعمليات المليشيا”.
وتطرق إلى قرار الحكومة السودانية بشأن “إبعاد موظفيْن” من برنامج الأغذية العالمي، مؤكدا أن القرار صدر بعد “رصد دقيق للعديد من التجاوزات التي تمس سيادة البلاد وأمنها القومي وتقدح في حيادية المنظمة”. وشدد على أن قرار الإبعاد ليس له صلة بعمل البرنامج أو باستمرار التعاون معه.
الرد الاماراتي
من جهته دعا المندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفير محمد أبو شهاب، الأطراف المتحاربة في السودان إلى الامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك توفير ممرات إنسانية وآمنة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية السريعة ودون عوائق وتسهيلها على نطاق واسع لجميع الذين يتحملون وطأة هذه الحرب، وخاصة النساء والأطفال وكبار السن.
وأضاف: “في وقت تنتشر فيه المجاعة، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تصل المساعدات إلى الناس في جميع أنحاء السودان وأن يُسمح للأمم المتحدة بأداء وظيفتها”.
وشدد على ضرورة عدم السماح بتدهور الوضع الإنساني أو التغاضي عن تلك الفظائع، مضيفا: “يجب محاسبة مرتكبي تلك الجرائم”.

ودعا المندوب الاماراتي مجلس الأمن إلى الضغط على الأطراف المتحاربة واستخدام جميع أدواته لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات بالتزام حقيقي بالسعي إلى السلام.
وقال: “نعلن اليوم عن تبرع إضافي بقيمة 100 مليون دولار أمريكي لدعم العمليات الإنسانية المنقذة للحياة في الفاشر. ستواصل دولة الإمارات العربية المتحدة دعم الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وتحقيق السلام والاستقرار والأمن الذي ينادي به الشعب السوداني”.
تعليق روسي
السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أعرب عن القلق إزاء التقارير الواردة عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق، وقال إن العنف ضد المدنيين وخاصة عندما يُرتكب بدوافع عرقية، غير مقبول.
وأضاف أن “الفظائع المرتكبة من المتمردين ضد السكان المدنيين في الفاشر والصور المنتشرة على الإنترنت بهذا الشأن، صادمة”، وأشار إلى “فظائع مماثلة” وقعت في السابق في الجنينة والجزيرة في السودان.
وبعد هذه الحوادث، قال نيبينزيا إن أعضاء المجلس يجب ألا ينتابهم أي شك بشأن احتمال تكرار مثل هذه الممارسات في مناطق أخرى غير تابعة لسيطرة الحكومة السودانية.
وأشار إلى تقارير عن زيادة أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف قوات الدعم السريع، بمن في ذلك القادمون من مناطق بعيدة عن السودان. وقال إن الوضع في الفاشر يجب أن يكون إشارة واضحة على أن السبيل الوحيد الممكن في السودان يتمثل في نشر الاستقرار وفرض النظام بجميع أنحائه ووجود مؤسسات حكومية مركزية موحدة. وأضاف أن أي مسار بديل سيؤدي إلى تفاقم التصعيد والعنف.

وشدد على ضرورة السماح بوصول المساعدات إلى المحتاجين إليها، وأهمية مواصلة التنسيق عن كثب مع الحكومة السودانية بشأن توزيع الإغاثة.
وأضاف أن أي خطوات تساوي بين طرفي الصراع أو تقترح أن كليهما لا يتمتعان بالسلطة الشرعية، لن يُنظر إليها سوى بأنها تشجع على التجزئة.
وحث جميع أعضاء مجلس الأمن على التركيز على الانخراط الإيجابي والتركيز على تقديم الدعم الملموس للشعب السوداني بدلا من تعزيز الانقسام.
 
 
 
 


