“بعد ضغوط الرباعية”.. سيناريوهات مفتوحة أمام الحرب السودانية

خاص 14 سبتمبر 2025 – حذّر سياسيون سودانيون من لجوء المجتمع الدولي إلى تفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وإرسال قوات أممية لحماية المدنيين بالسودان، حال رفض طرفي الصراع الدعوة الأخيرة الصادرة عن مجموعة الرباعية لوقف إطلاق النار.
وكانت دول الرباعية التي تضم “الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية، دولة الإمارات العربية المتحدة”، قد طرحت يوم الجمعة خارطة طريق لإنهاء النزاع في السودان من خلال الدعوة إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر في السودان، لتمكين وصول المساعدات الإنسانية على وجه السرعة على أن يتبعها وقف دائم لإطلاق النار.
وشدّدت الرباعية في البيان الذي شمل جداول زمنية لعملية وقف الحرب، على استبعاد الإسلاميين وأطراف الحرب من أي عملية سياسية مقبلة أو التقرير في مصير الشعب السوداني، وسط توقعات بأن يقابل الشرطة بالرفض من قادة الجيش وتيارات إسلامية مؤثرة.
الفرصة الأخيرة
قال د. محمد بدر الدين، الأمين العام المكلّف لحزب المؤتمر الشعبي، إن دعوة الرباعية تمثّل “الفرصة الأخيرة” أمام الجيش والدعم السريع، محذراً من أن تجاهلها قد يفتح الباب أمام تدخلا أممية مباشر عبر قوات لحماية المدنيين.
وتوقع بدر الدين في تصريح لـ”دروب” أن تقود الدعوة الأخيرة الصادرة عن مجموعة “الرباعية” إلى خطوات أكثر صرامة من المجتمع الدولي قد تصل إلى تفعيل البند السابع لحماية المدنيين، في حال رفض أحد طرفي النزاع أو كليهما الاستجابة للهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار.
وذكر أن أبرز ما جاء في بيان الرباعية هو حظر السلاح ومنع الدول الداعمة للطرفين من تزويدهما بالعتاد العسكري، معتبراً ذلك خطوة جوهرية. وأضاف أن مجلس الأمن، أيضا أصدر بيانا بهذا الشأن الأمر الذي يعكس جدية دولية متصاعدة تجاه الأزمة السودانية.
وفي السياق ذاته، اعتبر بدر الدين أن دولتي الإمارات ومصر تمارسان ضغوطاً داخل الرباعية لإبعاد الإسلاميين من مستقبل العملية السياسية في السودان، قائلاً: “المقصود هنا المؤتمر الوطني تحديداً”. لكنه توقّع في الوقت نفسه انطلاق حوار سوداني–سوداني بعد تثبيت الهدنة، يشمل حتى المكونات التي ترفضها سلطة بورتسودان.
تهيئة المناخ
من جانبه، أيّد د. نبيل أديب، القيادي السابق بتنسيقية قوى الحرية والتغيير، توجه الرباعية لإبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي، معتبراً ذلك مطلباً شعبياً منذ سقوط نظام البشير في أبريل 2019. وقال لـ”دروب”: “هذا ما يتفق مع رؤية التحالف الجامع الذي أطاح بحكمهم بدعم من القوات المسلحة”.
لكنه شدّد في المقابل على أن وقف إطلاق النار “لن يتحقق إلا بجديّة الطرفين والقوى الداخلية”، معرباً عن شكوكه في قدرة المجتمع الدولي وحده على إنهاء الحرب. وأضاف: “السلام ممكن فقط إذا اقتنع الدعم السريع باستحالة انتصاره”.
ويرى أديب أن أقصى ما يمكن أن تفعله الرباعية هو تهيئة المناخ لوقف الحرب، بينما يظل الدور الحاسم سودانياً. واستبعد أن يرفض الطرفان الدعوة بشكل مباشر، لكنه توقّع استمرار القتال رغم ذلك.
أما الباحث في الشؤون السياسية والقرن الأفريقي، فؤاد عثمان عبد الرحمن، فاعتبر بيان الرباعية “مدخلاً جاداً” لوقف الحرب إذا ما تبعته إجراءات عملية وضغوط متواصلة تفضي إلى وقف شامل ومستدام لإطلاق النار، لا مجرد هدنة مؤقتة.
عزل الاسلاميون
وقال عبدالرحمن لـ”دروب” إن أهمية البيان تكمن في تسمية الإسلاميين صراحة كقوة متطرفة، ما يمهّد لعزلهم سياسياً ودبلوماسياً. وأضاف: “الجهود الحالية تتميز بقدر أكبر من الوضوح والحسم، وقد تفتح فرصة حقيقية لوقف الحرب إذا اقترنت بإرادة مدنية موحّدة وضغط إقليمي ودولي متكامل”.
لكن فؤاد شكك في تجاوب الجيش مع بنود البيان، مرجحاً أن تواجه المؤسسة العسكرية وحلفاؤها الإسلاميون الموقف بالرفض أو التحفظ، بينما سيحاول الدعم السريع استثماره سياسياً لإظهار تقبّل شكلي أمام المجتمع الدولي دون التزام حقيقي، “ما لم يتعرض لضغوط مباشرة وقاسية”.
واختتم بالقول: “لا يمكن الرهان على بيان الرباعية وحده” وتابع” نجاح الجهود الدولية مرهون بترجمتها إلى خطوات عملية تُلزم الطرفين بالانخراط في عملية سياسية يقودها المدنيون”.
وكانت دول الرباعية أكدت على وحدة وسيادة السودان، وعلى عدم وجود حل عسكري للنزاع، وشددت على أن مستقبل الحكم في السودان يحدده شعبه دون تحكم من أطراف النزاع.
وطرح البيان خارطة طريق لإنهاء الصراع تبدأ بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تضمن وصول المساعدات الإنسانية وتقود لوقف إطلاق نار دائم، تعقبها عملية سياسية لمدة تسعة أشهر تقود لسلام ولتوافق سوداني واسع يشكل سلطة مدنية بدعم شعبي واسع.
كما أكد البيان أن مستقبل السودان لا يجب تشكيله بواسطة العناصر المتطرفة من جماعة الأخوان المسلمين الذين قال إنهم “من يغذون العنف وعدم الاستقرار في المنطقة”.