منوعات

النذير أبكوره.. شاب سوداني يتصدى للحرب بمعهد تعليمي في دارفور

دروب 19 أبريل 2025 – بين نيران الحرب الملتهبة في إقليم دارفور غربي السودان، انتزع الشاب النذير أبكوره حسين، مساحة آمنة للأطفال لتمكينهم من مواصلة تعليمهم المتوقف بسبب الصراع، وتوعيتهم بمخاطر القتال.

يأتي ذلك انطلاقاً من قناعته بأن التعليم هو المدخل الوحيد لإنهاء دوامة العنف وتحقيق السلام في بلاده، وفق قوله لـ”دروب”.

النذير نفسه قد حرمته الحرب المستمرة من اكمال تعليمه الجامعي، فغادر إلى مسقط رأسه في منطقة “سرف عمرة” أقصى غرب ولاية شمال دارفور، وأسس هناك مركزًا طوعيًا لتعليم اللغة الإنجليزية، واختار له اسم “معهد السلام” تيمنًا بالهدف الأعلى الذي يخطط لتحقيقه عبر نشاطه الحالي، وفق ما يرويه في مقابلة مع “دروب”.

ويستمر الإغلاق الشامل للمدارس والجامعات في إقليمي كردفان ودارفور منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023م، مما وضع المستقل التعليمي لملايين الطلاب في تلك المناطق على حافة الضياع.

يدرس النذير أبكوره في كلية التربية – قسم اللغة الإنجليزية المستوى الرابع، بجامعة بحري في العاصمة السودانية الخرطوم، وذهب قبل أيام من اندلاع الحرب لقضاء عطلة شهر رمضان والعيد مع أسرته في سرف عمره، ولم يستطع العودة مجدداً نتيجة اندلاع الصراع الذي بدد حلمه بعدما كان على وشك التخرج.

لم يحمل النذير هماً كبيراً لمستقبله التعليمي، بقدر ما أحزنته مشاهد الآلاف الأطفال في منطقته وهم في طريقهم للتحول إلى وقود حرب بالانخراط في صفوف القتال، بعدما أغلقت مدارسهم، مما دفعه للتفكير في وسيلة لحمايتهم.

زواج مبكر

يقول أبكوره لـ”دروب” “ترك اغلاق المدارس فراغاً كبير لدى الشباب والأطفال في منطقتي، حيث لجأ بعضهم للزواج في سن مبكرة للغاية، ربما فكر آخرون في الانضمام إلى صفوف القتال، لذلك أسست معهد السلام لمساعدتهم على سد هذا الفراغ وتعليمهم اللغة الإنجليزية”.

“في بادي الأمر كان التفاعل مع معهدي ضعيفاً، ومع مضي الوقت وإكمال عامه الأول حاز على زخم كبير وسط الأهالي في المنطقة، ووصل عدد الدارسين فيه حاليا إلى 105 طالبة وطالب، وهم يذهبون ويتحدثون عن السلام باللغة الإنجليزية في الشوارع العامة في البلدة، وهو ما ساهم في رفع الوعي، وتشجيع آخرين على الانخراط في برنامجنا التعليمي” يضيف النذير.

تقدر منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف” عدد الأطفال في السودان بـ19 مليون، وتقول إن 90 بالمئة منهم محرومون من مواصلة تعليمهم نتيجة استمرار الحرب والنزوح في مختلف أنحاء البلاد.

وبعدما أغلقت مدرسته وجد عثمان وهو طفل في الحادي عشر من العمر في معهد السلام في بلدته “سرف عمرة” فرصة لمواصلة تعليمه، واكتساب مهارات في اللغة الإنجليزية.

يقول عثمان لـ”دروب” إنه يستطيع تعريف نفسه والتواصل باللغة الإنجليزية مع زملائه وفي الطريق العام، فهو لا يخشى أحد، وذلك بفضل جهود معلمه العطوف حسب تعبيره.

رفع الوعي

ويدعم فكرة النذير أبكوره، صديقه عبد السلام عبد الله، الذي يشارك معه في التدريس، بعدما شُيِّد المعهد بالمواد البلدية، ولم يكتفيا بتدريس اللغة الإنجليزية فحسب، بل امتد عملهما إلى القيام بدور توعوي ينبذ الحرب وينشد السلام، كما يدربان الأطفال على الشجاعة الأدبية، وفق ابكوره.

ويعرب محمد وهو أحد الطلاب الملتحقين بمعهد السلام عن سعادته، بعدما وجد بديلا يعوضه مدرسته التي أُغْلِقَت لعامين على التوالي، قد شكل له فرصة لمقابلة زملائه والعيش وسط بيئة تعليمية.

ويقول لـ”دروب” “بعدما انضممت إلى المعهد بدأت في تناسي معاناتنا بسبب الحرب، وتخفيف الأحزان، إنها فرصة جيدة، لكن نأمل أن يتوقف القتال، ونعود إلى مواصلة التعليم الرسمي الذي سينقلني إلى الجامعة والتخرج والعمل”.

ويمضي النذير أبكوره في مشواره بإمكانيات بسيطة، لتوفير بيئة تعليمية للأطفال والشباب في منطقته، وهو مؤمن بأن ضعف التعليم هو سبب رئيسي في الحروب والصراعات والعنف في بلاده، كما يمني نفسه بتوقف الحرب وعودة الجميع بمن فيهم هو إلى المدارس والجامعات، واستئناف مستقبلهم الأكاديمي الذي بات على حافة الضياع، يختم حديثه لـ”دروب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى