أصدقاء دروب

كيف وظف أعداء الثورة رموزها لخدمتهم

عزيز الدودو

بينما تستعر نيران الحرب وتتصاعد الإنتهاكات المروعة، يغيب عن أذهان الكثيرين أمر جلل: لقد طُويت صفحة ثورتنا المجيدة، وداس البعض على مبادئها وشعاراتها بأقدام لا تعرف الخجل أو الاكتراث.

الأمر ليس مجرد نسيان، بل هو استغلال وقح. ففي غفلة من الزمن، وجد “البلابسة” و”الكيزان” – أو فلنقل أنصار النظام البائد – ساحة خصبة لتوظيف منصات ثورة ديسمبر ورموزها النبيلة لخدمة أجندتهم الخبيثة. رأينا كيف تسللوا إلى كيانات مثل “غاضبون” واستغلوا منصات لجان المقاومة وأعضائها دون أدنى شعور بالذنب، متناسين – أو متجاهلين – أن هذه الحرب الدائرة رحاها الآن هي في جوهرها حربهم ضد الثورة، حقيقة يعرفها القاصي والداني.

لكن قمة الخزي تتبدى في سلوك “القوة المشتركة” والحركات المسلحة التي أعلنت خيانتها للثورة جهارًا نهارًا وتحالفت مع أعدائها. هذه الحركات التي ما كان لها أن تطأ أرض الخرطوم لولا تضحيات ثوار ديسمبر الأبطال، والتي كان اتفاق جوبا بالنسبة لها ثمرة من ثمار تلك الثورة المباركة. لكن للأسف، تحول هذا الاتفاق إلى ثمرة سامة، قتلت فاعلية الثورة وأضرت بمسارها، ليصبح حصان طروادة الذي أحدث الشرخ العميق الذي نشهده اليوم نتيجة لتلك الخديعة الماكرة.

وها نحن نشهد اليوم كيف يتم توظيف منصة لجان المقاومة في الفاشر لخدمة أمراء الحرب وتجار الأزمات والمرتزقة، في تجاهل تام لحقيقة أن هؤلاء الأوغاد قد باعوا الثورة منذ اللحظة التي وطأت أقدامهم مطار الخرطوم، وختموا خيانتهم بإعلان تحالفهم المشين مع أنصار النظام البائد في اعتصام “الموز”، ليضربوا بذلك الاتفاق الإطاري في مهدِه ويوجهوا له الضربة القاضية.

وبعد كل هذا، أيها الثوري الديسمبري الأصيل، كيف تحولت إلى بوق لهؤلاء؟ ألم تسأل نفسك سؤالًا واحدًا: كيف استولى هؤلاء على ثورتنا؟ بل الأدهى، كيف استولوا على عقولنا؟

والله إني لأشعر بغصة مريرة واشمئزاز عميق عندما أجد منصة تدعي تمثيل لجان المقاومة تتحدث باسم الثورة وهي تقف جنبًا إلى جنب مع من قتلوا الثوار بدم بارد في مجزرة فض الاعتصام الرهيبة، وفي المجازر التي سبقتها وتلتها من جرائم بشعة ارتُكبت في حق ثورتنا المجيدة. إن هذا لعار ما بعده عار، وخيانة لا تغتفر لتضحيات الشهداء وآمال الملايين التي خرجت تهتف بالحرية والعدالة والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى