تقارير

تقرير حقوقي يُوثق انتهاكات جنسية على أساس عرقي في الجنينة

دروب 17 ديسمبر 2025 – وثقت بعثة تقصي حقائق مشتركة من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، لجرائم عنف جنسي واغتصاب جماعي، اتهمت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها، بارتكابها بحق نساء وفتيات في مدينة الجنينة بغرب دارفور على أساس عرقي، وهي انتهاكات قد ترتقي لجرائم دولية، وفق تقديرها.

وكشفت البعثة في تقريرها الذي دشنته في العاصمة الأوغندية كمبالا اليوم الأربعاء، عن تعرض جماعة المساليت في دارفور بشكل خاص إلى اضطهاد شديد، خاصة من خلال أفعال ممنهجة للعنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، شملت استخدام الاغتصاب الجماعي من طرف عصابات، والاستعباد الجنسي والزواج القسري والحمل الجماعي كأسلحة حرب لإرهاب واقتلاع نساء وفتيات المساليت بالقوة.

وأفادت ناجيات، بحسب التقرير- أن مجموعات من المسلحين من قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالف معها، نفذوا هجمات منسقة تعرضت فيها عشرات النساء والفتيات للاغتصاب، معظمهن من قبيلة المساليت، ويشتبه أن أكثر من 50 فتاة تعرضن للاغتصاب في إحدى الهجمات من قبل مليشيات كولمبية وهي مجموعة من عصابات النقرز في الجنينة، انضمت لقوات الدعم السريع.

ووفق الشهادات التي جمعتها بعثة التقصي من الناجيات، فإن الجناة كانوا يدخلون المنازل، ويهددون السكان بقوة السلاح، ويطالبون بمعرفة انتمائهم القبلي، وإن كانوا مساليت يستهدفونهم ويغتصبون النساء والفتيات، وكان يقوم بهذه الأعمال قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معهم.

وأوضح مدير البرنامج القانوني في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، أمير محمد سليمان أن التقرير تضمن نتائج بعثة تقصي الحقائق حول الأحداث التي شهدتها مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور في العام 2023، وهي بعثة مشتركة بالتعاون بين المركز الأفريقي، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، وشارك في التقصي الباحث في المركز الأفريقي محمد بدوي، وباحثين آخرين من الجهات الشريكة في البعثة.

وقال خلال مؤتمر تدشين التقرير الذي رصدته “دروب”، إن التحقيقات تركزت على العنف الجنسي في ولاية غرب دارفور، فالحرب هناك كانت على أجساد النساء بغرض كسر المجتمعات وجعلها تحت الوصمة.

وشدد أن الهدف من بعثة تقصي الحقائق والنتائج التي توصلت لها، هو تطوير آليات لمحاسبة المتورطين في هذه الجرائم، كما أنها مبادرة تحفيزية لمن يرغبون في تكوين بعثات تقصي الحقائق في الانتهاكات المرتكبة في السودان.

تطوير آليات المحاسبة

من جانبه، قال الباحث في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، محمد بدوي، إن تحقيقاتهم شملت ناجيات وعاملين في الحقل الطبي وشهود وعاملين وعاملات في الحقل الإنساني، ومدافعات عن حقوق الإنسان، في مخيمات اللاجئين السودانيين شرقي تشاد، بما في ذلك معسكر أدري، وأن التقصي أثبت وقوع عدة أنماط من العنف الجنسي، معظمها كان على أساس عرقي وانتماء النساء الضحايا إلى إثنية المساليت، ارتكبتها قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها وأطراف الصراع الأخرى، وكان العنف الجنسي أحد الأسباب التي دفعت إلى الفرار من الجنينة.

وشدد خلال استعراضه للتقرير، أن اللاجئات السودانيات ما زلن يتعرضن للعنف الجنسي المرتبط بالدوافع الاقتصادية، فنقص المساعدات الغذائية في المخيمات عامل أساسي في وقوع هذه الانتهاكات الجنسية التي ترتكب بعضها بواسطة المجتمع المضيف، حيث تجبر النساء على البغاء.

وذكر أن من أنماط العنف الجنسي التي رصدوها، هي مقايضة الأسرة على عدم قتل أبنائها الشباب، مقابل الموافقة على الاغتصاب وهو نمط جديد وغير مسبوق، بجانب البغاء القسري، والعنف الجنسي على أساس الإثنية، فقد كان هناك استهداف مباشر ومقصود لإثنية المساليت، كعقاب جماعي لها.

ونتجت حالات حمل عن الاغتصابات للنساء في الجنينة، يصعب حصرها، حيث تجري بعض الإجهاضات، وفق محمد بدوي، الذي أشار إلى انتحار فتاتين ضحايا اغتصاب غرب كتم بعدما امتنعن من شرب الماء، بينما سجلوا 10 حالات حمل نتاج اغتصاب في مخيم كلمة للنازحين في ولاية جنوب دارفور خلال العام 2024م.

وكشف أن مسلحين يتبعون إلى حركة التحالف السوداني التي كان يقودها والي غرب دارفور الذي قتل في تلك الأحداث، خميس أبكر، اقتادوا 7 فتيات، طالبات من جامعة الجنينة في يوم 25 مايو 2025م، إلى منزل في حي النهضة بالمدينة، واحتجزوهن لمدة 14 يوماً، عرضوهن خلالها للاغتصاب والاستعباد الجنسي، والعمل في الطبخ والغسيل، لافتاً إلى أن الفتيات ينحدرن من مناطق متفرقة في إقليم دارفور، بينما كان المسلحون المتهمون بالتورط في هذه الجريمة، معتقلين في جرائم، وجرى إطلاق سراحهم مع اندلاع الأحداث في المدينة.

وقال محمد بدوي إن نساء الجنينة ظللن يتعرضن للعنف الجنسي منذ العام 1996 دون حصولهن على العدالة، كما تم محو 700 قرية في غرب دارفور من الخريطة، وجرى تغيير أسماء بعضها، لافتاً إلى أن الناجين في مخيمات شرق تشاد الذين قابلوهم يطالبون بضرورة تحقيق العدالة لهم، ولم يتحدثوا عن المحكمة الجنائية لأول مرة، ربما أصابهم اليأس من بطء عملها.

وجوه ملثمة

ووفق بدوي لم يستطع الناجون التعرف على الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم بحقهم؛ لأنهم كانوا ملثمين الأوجه، ويبدو أنهم غرباء على المدينة، وجاءوا إليها من مناطق أخرى في إطار ثقافة الفزع المنتشرة هناك.

واستجابة لهذه الوضعية، أدت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بالشراكة مع المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، مهمة توثيق الانتهاكات خلال شهر أغسطس 2024 إلى كل من أنجمينا وشرق تشاد، بما في ذلك مخيمات اللاجئين في ميتشي، سلطان، أورنق، وأركو، وأجرى الفريق مقابلات فردية مع ضحايا العنف المباشرين وغير المباشرين، ومع مدافعات عن حقوق الإنسان، وشهود والعاملين في المجال الإنساني، بالإضافة إلى مناقشات جماعية ومشاورات مع جهات مختلفة.

وتبرز نتائج التقصي، الإفلات العام من العقاب الذي يتمتع به الجناة، والحواجز الهيكلية التي تمنع المساءلة، والفجوات الإنسانية التي تترك الناجين بدون حماية أو دعم كاف. ويشكل العنف الموثق ضد المساليت – وخاصة العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي واسع الانتشار – انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي الإنساني، وقد تصل إلى جرائم دولية. يحتمل السودان وتشاد التزامات بموجب القانون الدولي لمنع مثل هذه الانتهاكات وحماية المتضررين وضمان محاسبة الجناة، وفق التقرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى