الحرب الأخيرة والآمال العريضة

عزيز الدودو
وسط الدمار والذكريات المؤلمة، نتساءل” هل كانت هذه الحرب ضرورية لبداية جديدة، أم أنها الثمن الباهظ الذي دفعناه بسبب تأجيلنا للتغيير طوال هذه السنوات؟ ربما تكون هذه الحرب -رغم كل ألمها- هي آخر حروبنا، لأنها لم تكن مجرد صراع عادي، بل كانت مثل عملية جراحية لإزالة مرض الاستبداد الذي كاد يدمر أمتنا.
لقد دفعنا ثمن ترددنا وتأجيلنا لعقود كاملة. لو أن الأجيال السابقة قامت بالواجب وأنجزت ثورة حقيقية في التجارب الثورية السابقة، لما تفشى الظلم وأصبح جزءًا من كل مؤسسة. لكن التاريخ لا يرحم المتأخرين، ولم يكن ممكنًا التخلص من هذا الظلم بمجرد احتجاجات صغيرة أو إصلاحات غير جذرية. نعم، الحرب مؤلمة، لكنها ربما كانت الطريقة الوحيدة لكسر القيود التي جعلتنا أشباحًا بلا حياة.
الآن نواجه اختبارًا مصيريًا’ إما أن نصنع التغيير بأيدينا، أو نترك الآخرين يشكلون مستقبلنا كما يريدون. الألم الذي مررنا به ليس عقابًا، بل كان صفعة جعلتنا نستيقظ لنرى الحقيقة. هذا الألم جعلنا نتحول من الشعارات الجميلة إلى العمل الجاد. نعم، عانينا كثيرًا وخسرنا الكثير، لكننا تعلمنا الدرس، الحرية لا تأتي هدية، بل تُنتزع إنتزاعاً.
وماذا عن المستقبل؟ الخرطوم التي عرفناها ستختفي تحت أنقاض الماضي، وسيولد من تحت الرماد مدينة جديدة بأفكار جديدة ووجوه جديدة، وسيعود المهجرين واللاجئين حاملين معهم أفكارًا لتطوير البلاد. هذه المرة، لن نكرر أخطاء الماضي، بل سنبني دولة تستحق أحلام الذين ضحوا بأرواحهم من أجلها.
ويبقى السؤال الأهم: هل سنكون عند مستوى المسؤولية؟ لأن الحرب تُخاض بالسلاح، لكن السلام يحتاج إلى إرادة حقيقية.