تقارير

“الطريق إلى دارفور”.. ما سر ضراوة المعارك العسكرية في الخوي؟

دروب 14 مايو 2025 – غطى دخان المعارك العسكرية المحتدمة سماء مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، بعدما أصبحت المدينة فجأة محور صراع طاحن لم تشهده منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وتشهد مدينة الخوي اشتباكات متواصلة منذ صباح أمس الثلاثاء، وسط تبادل المزاعم من أطراف الصراع حول احكام سيطرته على المدينة، لكن مصادر محلية أكدت لـ”دروب” اليوم الأربعاء استمرار المعارك شرق وجنوب وغرب مدينة الخوي بين القوة المشتركة لحركات دارفور وقوات الدعم السريع.

من جهتها قالت مصادر مقربة من قوات الدعم السريع لـ”دروب” إن القوة المشتركة تخطط للوصول إلى دارفور وأن الخوي أو كردفان ليست هدفاً لها.

صباح اليوم الأربعاء، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع الباشا طبيق في على منصة إكس، إن قواته سيطرت على مدينة الخوي بينما تلاحق الجيش والقوة المشتركة وفيلق البراء بن مالك شرقي المدينة بعدما الحقت بهم خسائر في الأرواح والعتاد.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان صحفي الأربعاء إنها “هزمت الجيش والقوة المشتركة في الخوي، ونشرت صورا وفيديوهات، لجنودها وهم منتشرون في المدينة ويستولون على عتاد حربي”.

في المقابل، قال حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي في منشور على صفحته بـ”فيسبوك” اليوم الأربعاء إن “آخر احتياط قوات الدعم السريع هاجمت قواتنا في مدينة الخوي صباح اليوم لاسترداد كرامتهم المهينة، إلا أن أبطالنا لقنوهم درساً، ولم يتبق منهم أحد لينسى أو يتذكر”.

وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على مدينتي النهود والخوي في ولاية غرب كردفان مطلع مايو الجاري، لكن قوات ضخمة من الجيش والقوة المشتركة تمكنت من استعادة السيطرة على الخوي يوم الأحد الماضي.

تحشيد بإشراف عبد الرحيم دقلو

وفور وصول “الجيش والمشتركة” إلى الخوي، شرعت قوات الدعم السريع في حشد مقاتليها في محاور مختلفة تحت اشراف مباشر من قائد ثاني قوات الدعم السريع، الفريق عبدالرحيم حمدان دقلو، وفق مصدر موثوق تحدث لـ”دروب”

وحسب مصادر محلية فإن قوات الدعم السريع حشدت قواتها في مناطق شمال مدينة الخوي وغربها في المسافة الواقعة بينها ومدينة النهود، قبل أن تشن هجومها ظهر أمس الثلاثاء.

وتتميز مدينة الخوي بموقع استراتيجي نظرًا لوقوعها على طريق الأسفلت المؤدي إلى النهود والفاشر غرباً والأبيض شرقا، وهي تمثل مفتاح “الجيش والقوة المشتركة” للتوغل نحو إقليم دارفور وتأمين ظهر الأبيض، بينما تعني لقوات الدعم السريع نقطة تأمين سيطرتها على كردفان ودارفور والتوغل نحو الأبيض، بحسب الناشط الاجتماعي والحقوقي في كردفان صلاح حسن جمعة.

وبناءًا على هذه الأهمية للطرفين تحتدم المعارك بشكل عنيف، وربما تستمر الحرب فيها طويلاً نظرًا لطبيعة المنطقة المليئة بالسهول والوديان ومساحاتها الشاسعة، فالقتال مفتوح ويصعب حسمه لصالح أي من الأطراف خلال فترة وجيزة، وفق ما يراه جمعة الذي تحدث مع “دروب”.

وأضاف أنه “بناءًا على المعطيات الماثلة فإن القوة المشتركة لحركات دارفور مصممة على الوصول إلى الفاشر وأن الأمر أصبح بمثابة حياة أو موت بالنسبة لها نسبة لاشتداد الحصار على عاصمة شمال دارفور وتدهور أوضاع العالقين هناك بما في ذلك المدنيين والقوات العسكرية والذين يفتقدون الطعام والعلاج وبدأوا يأكلون صفق الأشجار وفق تسجيلات وشهادات مبذولة”.

خطة ثلاثية المحاور

للوصول إلى الفاشر تتبع القوة المشتركة بحسب الناشط الاجتماعي في كردفان، صلاح حسن جمعة، ثلاثة محاور الأول هو الأبيض – الخوي – النهود – غبيش ومن ثم التوغل نحو ولاية شمال دارفور.

أما المحور الثاني فهو من الأبيض إلى الدبيبات – أبوزبد – بابنوسة – الضعين، وقد تمكنت القوة المشتركة من السيطرة على مدينة الحمادي في ولاية جنوب كردفان التي تبعد نحو 20 كيلومتراً شمال الدبيبات يوم أمس الثلاثاء، بينما يكون المحور الثالث المتوقع من الدبة في الولاية الشمالية ومنها عبر الصحراء إلى الفاشر، بعد استغلال حشد الدعم السريع لقواتها في كردفان.

وقال مصدر عسكري ميداني لـ”دروب” إن الجيش والقوة المشتركة لحركات دارفور وصلوا الخوي بقوات وعتاد عسكري ضخم، ونشروا ارتكازات على مناطق الدودية، وأم صميمة، والعيارة على الطريق بين الخوي والأبيض بغرض تأمين حركة امدادهم من عاصمة ولاية شمال كردفان.

وبحسب المصدر فإن قوات الجيش والمستنفرين الذين انسحبوا من النهود انضموا للقوة المشتركة، ويخططون إلى استخدام الخوي كقاعدة عسكرية كبيرة مع تفعيل الاستنفار الشعبي وسط أبناء قبيلة الحمر، ومنها الانطلاق لاستعادة النهود والتوجه نحو دارفور.

وذكر المصدر أن الجيش والقوة المشتركة التي دخلت الخوي مزودة بعتاد عسكري ضخم وسيارات مصفحة ومعدات تشويش، وهي مصممة على عدم خسارة معركة الخوي.

أكد رئيس مجلس تأسيس ولاية غرب كردفان؛ عز الدين أحمد دفع الله، أهمية مدينة الخوي لكونها تمثل البوابة الشرقية لمنطقة دار حمر، وأن سيطرة قوات الدعم السريع عليها ستعزز نفوذها في كردفان، وتضييق الخناق على الأبيض التي يسطر عليها الجيش السوداني.

وقال دفع الله لـ”دروب” إن الجيش والقوة المشتركة يتعاملون بجدية شديدة مع معارك الخوي على أمل البقاء فيها، لأن فقدانها من شأنه أن يهدد الأبيض بشكل كبير، مبينا أن سيطرة قوات الدعم السريع عليها تساعدها من احكام الحصار على الأبيض.

أهمية عسكرية وسياسية

وبالتزامن مع معارك الخوي تحرك الجيش والقوة المشتركة من كازقيل الى مدينة الحمادي على الطريق المؤدي إلى الدلنج وأبوزبد والسيطرة عليها، وذلك بعدما سحبت قوات الدعم السريع جنودها في المنطقة لإسناد المعارك العسكرية في محور الخوي.

ويشير المحلل السياسي مجاهد عبد الله إلى أن منطقة الخوي والنهود تقعان في قلب غرب السودان، وتشكلان عقدة مواصلات ومحور التقاء للطرق الحيوية بين كردفان ودارفور، كما تقعان على مقربة من خطوط الإمداد الحيوية التي تربط العمق الدارفوري بالعاصمة وبمناطق شمال وغرب إفريقيا.

وأضاف عبد الله لـ”دروب” “من الناحية العسكرية تعد الخوي والنهود نقطة سيطرة استراتيجية على خطوط الحركة بين الأبيض والفاشر، وبين ولايات دارفور وولاية شمال كردفان. من يسيطر على هذه النقاط، يسيطر فعلياً على طرق الإمداد ونقاط التدخل نحو دارفور وشمال كردفان وحتى أطراف جنوب ليبيا، أما سياسيا ارى السيطرة على الخوي والنهود تعني إحداث تحول في ميزان القوة، لا سيما أنها تقع على تخوم مناطق القبائل التي لها ثقل سياسي وقبلي كبير، وتمثل خزاناً بشرياً يمكن أن يستمال لدعم هذا الطرف أو ذاك”.

وتابع “من حيث الأهمية الاقتصادية فان النهود تحديدا تعد مركزا للحركة التجارية ولأسواق المحاصيل والثروة الحيوانية، والسيطرة عليها تفتح آفاقا للتمويل الذاتي عبر الموارد المحلية، مما يعزز قدرة الطرف المنتصر على الصمود أو التمويل الذاتي للحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى