تقارير

بعد حرائق “العاصمة البديلة”.. هل سيتحول السودان إلى ساحة حرب دولية؟ 

بورتسودان 8 مايو 2025 – حذر محللون من تحول السودان إلى مسرح صراع إقليمي ودولي جراء استعانة طرفي الحرب بقوى خارجية لأجل الحصول على أسلحة نوعية من شأنها أن تطيل أمد الحرب.

وتزايدت المخاوف بعد استهداف مدينة بورتسودان التي يتخذ منها الجيش عاصمة مؤقتة ومدن أخرى شرق وشمال  ووسط البلاد، بطائرات مسيرة ضربت مرافق حيوية.

على مدى خمسة أيام متتالية تعرضت مواقع استراتيجية في مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بينها قاعدة “فلامنقو” العسكرية وقاعدة عثمان دقنة الجوية، فضلًا عن مطار بورتسودان ومستودعات وقود رئيسية، لقصف عنيف عبر طائرات مسيرة، كما تعرضت مدن أخرى شمال وشرق ووسط البلاد إلى هجمات مشابهة.

على إثر هذه الهجمات قرر مجلس الأمن والدفاع يوم الثلاثاء، قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة بعدما اعتبرها “دولة عدوان” واتهم وزير الدفاع السوداني، يس إبراهيم، دولةالامارات بمد قوات الدعم السريع بالأسلحة المتطورة التي استخدمتها في ضرب المنشآت الاستراتيجية في البلاد.

القدرات الدفاعية

الخبير العسكري، اللواء المعتصم عبد القادر، عدّ الهجمات الأخيرة عبر المسيرات على موانئ ومطار مدينة بورتسودان شرق البلاد وعدد من المرافق الاستراتيجية على ولايات كسلا والشمالية والنيل الأبيض، مرحلة ثانية من مراحل الحرب تختلف تماما عن ما كان في السابق، مشيرًا إلى أنها تأتي بعد ان نجح الجيش في تحييد “الدعم السريع” ودحره حتى غرب البلاد.

واستبعد المعتصم، في تصريح لـ”دروب” أن يتحول الصراع في السودان إلى حرب عالمية، إذ أنها في مرحلتها الأخيرة، مبينا أن الهجمات عبر المسيرات التي جاءت بعد أن حسمت القوات المسلحة الحرب البرية، مرحلة مقدور عليها وذلك بتطوير القدرات الدفاعية.

وأشار إلى أن القدرات الهجومية للجيش ظهرت بصورة جلية في تدمير مطار نيالا الذي كان مهبطا لتموين “الدعم السريع” بالذخائر والقوات البشرية وكافة المعينات في حربه، مؤكداً تحييده إلى جانب مطارات أخرى في ولاية شمال كردفان ودارفور.

ولفت إلى أن حرب المسيرات القصد الأساسي منها إعادة الجيش السوداني إلى المفاوضات. لافتًا إلى أن هذه المسيرات أكبر من قدرات “الدعم السريع”.

واتهم المعتصم دولة الإمارات بالتخطيط لهجمات المسيرات في الآونة الأخيرة، مشيرًا إلى أنها تأتي من عدة اتجاهات من بينها الحدود الليبية والتشادية ومطارات تشادية ودولة جنوب السودان ومن اتجاه البحر الأحمر وشمال الصومال.

تنافس دولي

من جانبه، يشير الناطق الرسمي باسم حركة تجمع قوى تحرير السودان المنضوية تحت تحالف السودان التأسيسي، فتحي محمد، إلى أن حرب السودان أصبحت مسرحا لتنافس القوى الإقليمية والدولية أحيانا، مما يزيد من خطر تدويل الحرب.

وذكر في تصريح لـ “دروب” أن الهجمات بالطائرات المسيّرة على بورتسودان تشير إلى تطور في قدرات قوات الدعم السريع الحربية، مما قد يدفع الجيش إلى الرد بمحاولة استجلاب أسلحة ومضادات متطورة، ما سيزيد من حدة الحرب واستمرارها لأطول فترة.

وأضاف أن “محاولة الجيش وسلطة الحركة الإسلامية استعداء قوى إقليمية ودولية واتهامها بدعم الطرف الآخر، فضلا عن محاولتهم التمهيد بإقامة تحالفات مع قوى إقليمية ودولية تشكل تهديدًا لأمن البحر الأحمر خاصة ايران وروسيا، ربما يؤدي إلى تحول السودان إلى ساحة صراع بالوكالة”.

وتابع “إذا استمرت قوات الدعم السريع في استخدام الطائرات المسيّرة بفعالية، فقد تتمكن من استهداف مواقع عسكرية استراتيجية للجيش، الأمر الذي قد يغير موازين القوى على الأرض لصالح هذه القوات”.

ملاجئ آمنة

يرى الصحفي والمحلل السايسي، عبدالله رزق، أن الحرب دخلت مع بداية عامها الثالث مرحلة أخرى بتكتيات جديدة، حيث نشط الطيران المسير في تسخين الحرب، بعد فك الاشتباك بين الطرفين على عدة جبهات، وإعادة تموضع وانتشار قوات طرفي الحرب.

وأضاف في حديثه لـ”دروب” أن “قوات الدعم السريع عملت على توسيع نطاق العمليات ووصلت مناطق كانت في حكم الآمنة، واستهدفت البنيات الأساسية مثل الموانيء والمطارات ومحطات الكهرباء”.

ونوه إلى أنه أصبح أمام المواطنين احتمال البحث عن ملاجئ آمنة إذا ما استمر الاستهداف بالمسيرات بمعدله الحالي وباتساع جبهته، إذ لا يقتصر الأمر على المواطنين فحسب وإنما يشمل حكومة بورتسودان نفسها، وفق قوله.

وتابع “لقد كشفت هذه الهجمات على المرافق الحيوية عجز حكومة بورتسودان وضعفها، وما لم تسارع لإحداث التوازن التسليحي مع الدعم السريع فإن خياراتها ستكون صعبة وقاسية، فالوضع الراهن يشير إلى احتمال حسم عسكري للحرب بالنقاط إن لم يكن بالقاضية على خلاف ما يقول به الخبراء والمراقبين”.

ونوه رزق، إلى أنه في ظل إصرار ما وصفها بحكومة الأمر الواقع على رفض السلام والتفاوض عليه، فإنه لا مناص من أن تدخل سباق التسلح لتفادي الهزيمة والارتهان إلى بعض القوى الإقليمية والدولية ذات المصلحة في استمرار الحرب.

وأشار إلى أن الصراع يتجه إلى أن تكون حربا إقليمية ودولية بالاستقطاب الجاري للقوى الخارجية من الطرفين، الأمر الذي سيؤثر سلبا على مساعي وجهود السلام المبذولة لوقف الحرب.

وحذر رزق من أن المرحلة الجديدة من الحرب بما تنطوي عليه من تصعيد وتصعيد مضاد، تحمل في طياتها المزيد من تدمير البنيات التحتية، والمزيد من المعاناة للمواطنين المدنيين.

وأضاف “لذلك مطلوبًا من المجتمع الدولي والإقليمي ومن القوى المدنية السودانية في الداخل والخارج تكثيف جهودها للضغط على طرفي الحرب، وعلى الدول الداعمة لهما من أجل وقف فوري وغير مشروط للقتال، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للمتضررين، والشروع في مفاوضات بإنهاء الحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى