أصدقاء دروب

الأمة.. بين الإمام وبرمة

 

  • بتاريخ ١٧ مايو ٢٠١٤م قامت قوات من جهاز الأمن والمخابرات باعتقال الإمام الصادق المهدي من منزله، بعدما شن هجوما عنيفا على قوات الدعم السريع متهما اياها بارتكاب جرائم تطهير عرقي في ولايات دارفور وكردفان والنيل الازرق، وعاب على تلك القوات سلوك افرادها المنفلت ونعراتها القبلية.
  • وقد جاء الاعتقال على خلفية التصعيد الذي قاده قائد الدعم السريع حميدتي، مخيرا الدولة باعتقاله أو ستقوم قواته بذلك، وشرع جهاز الأمن في تدوين بلاغات ضد الإمام لمخالفته مواد تتعلق بالنشر المسبب للتذمر وسط القوات النظامية، تقويض النظام الدستوري، نشر اخبار كاذبة والاخلال بالسلام العام، وإشانة السمعة.
  • بقي المهدي بسجن كوبر لشهر كامل قبل أن يطلق سراحه، بعد قبول رئاسة الجمهورية وساطة قادتها شخصيات وطنية، وظل موقفه ثابتا تجاه جرائم وتجاوزات الدعم السريع، وعلى الرغم من امتداحه لموقف قائد السريع خلال ثورة ديسمبر، الإ انه رفض منح أي تفويض مفتوح، سوأ لهذه القوات أو القوات المسلحة بل حتى الحرية والتغيير، وحينما بدأ حميدتي الانخراط في أنشطة سياسية طالبه بالتخلي عن بزته العسكرية، قبل أن يتحدث في السياسة.
  • ما استدعى هذه الحادثة للذاكرة هو متابعتي أمس للقاء الذي أجراه عزام عبد الله مع الرئيس المكلف لحزب الأمة اللواء (م) فضل الله برمة ناصر، والذي تحدث فيه بلسان الحلف الجديد مستخدما عباءة حزب الأمة، وقد أزعجني اشاراته المتكررة خلال اللقاء لنهج الإمام الصادق المهدي الحزبي، وفي تقديري إن ما يقوم به اللواء برمة ناصر من خطوات في إطار هذا التحالف، أبعد تنظيميا وسياسيا ونظريا عن فكر وجهد الإمام المبذول.
  • اللواء برمة في هذا اللقاء لم يكن ينطلق في حديثه من منصة المؤسسة القومية التي يقف على رأسها، انما كان يحدث بلسان القبيلة والجهة، وهو دافعه الأساسي في هذا الاصطفاف الذي لم يضع النهج القومي للحزب نصب عينيه، وهو نهج يخالف بالكامل ما استدعاه من أمثلة خلال اللقاء للأمام المهدي، الذي بذل جهدا سياسيا وفكريا كبيرا حتى يحرر حزب الأمة، من ثقل القوة الجماهيرية الضخمة الداعمة له بولايات دارفور، ويقوده نحو مراقي القومية.
  • وقد عبرت هياكل حزب الأمة عن ذلك، بتنوع خلفيات قادتها، وتمثيلهم لمختلف جهات السودان، وقد ظل ذلك دأبه ومصدر شغله الدائم، وانعكس ذلك في حراكه الداخلي وجولاته الولائية، وفي مجمل مواقفه السياسية.
  • الورطة التي أدخل فيها اللواء فضل الله برمة ناصر بتوقيعه باسم حزب الأمة في ميثاق التأسيس والدستور التأسيسي وزجه بالحزب في الحلف المساند للدعم السريع، لا يمكن تخطيها بإجراءات حزبية مضادة مثل فصله ومن معه من قيادة الحزب، ولا بمحاولات اقحام الفريق المتقاعد عبد الرحمن المهدي في الصراع الداخلي للحزب.
  • مثل هذه الحلول القاصرة ستعصف بما تبقى من وحدة الحزب، وتقود لتكريس الاصطفاف القبلي والجهوي، لن يكون بمقدور حزب الأمة تخطي هذا الوضع الإ بالعودة لسلطة المؤتمر العام، وإنهاء تكليف برمة ناصر بالشكل الدستوري الصحيح، ومن قبل أعلى سلطة تنظيمية في الحزب، وهي خطوة لا يمكن تأجيلها إذا أراد المنتمون للمؤسسة الحفاظ على حزبهم وإرثه القومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى