منوعات

عيد الحب.. حُمْرَةٌ الدماء تحجب الورد في السودان

بورتسودان – دروب

للمرة الثانية على التوالي، يغيب الورد الأحمر في عيد الحب عن شوارع وأرصفة السودان، بعدما حلت مكانها الدماء وعمتها رائحة الموت، إثر الحرب التي تكاد تكون دمرت كل شيء بما في ذلك عاطفة العشق.

وبغياب العشاق في السودان قسراً عن الاحتفاء بعيد الحب، اختفت طقوس هذا اليوم تحت ركام قتال مدمر يدور رحاه لما يقرب من العامين في ربوع البلاد.

في يوم 14 فبراير من كل عام يُحتفل بعيد الحب، وهو مناسبة عالمية تُعبر عن مشاعر الحب والمودة بين الأشخاص، ويتبادل فيه الهدايا والورود وارتداء ملابس باللون الأحمر.

لكن في السودان ترتدي سمية الطيب التي ما تزال عالقة وسط نيران القتال في العاصمة الخرطوم، ثوب الحزن على واقعها شديد القسوة، ونيران الفقد التي تحرق جسدها.

مر هذا اليوم بشكل عادي في حياة سمية، ولا تدري أنه يوافق مناسبة عيد الحب، التي لم يتبق لها منها غير ذكريات تدور في مخيلتها عن لحظات جميلة مليئة بالمودة عاشتها سابقاً، حسب ما ترويه لـ”دروب”.

استيقظت هذه الفتاة فجر الرابع عشر من فبراير على أصوات القصف المدفعي، والطيارات الحربية تحلق في سماء منزلها، بينما غطت بصرها السيارات العسكرية والمسلحون المنتشرين في محيطها، عوضاً عن ألوان الحب الحمراء التي تزين ملابس العشاق في هذه المناسبة.

طقوس افتراضية

حل عيد الحب، ووجد السودانيين تتقطع بهم السبل بين نازحين ولاجئين، وآخرين عالقين في مناطق القتال مع تشتت أفراد الأسرة الواحدة، بينما يحتاج 30 مليون منهم إلى المساعدات الغذائية، وفق الأمم المتحدة.

ورغم حالة الحزن التي تخيم على المشهد العام في السودان، سعى البعض من الذين تتقطع بهم السبل إلى إقامة طقوس عيد الحب مع شركائهم عن بعد بوسائل التواصل المختلفة، كحالة خالد إسماعيل الذي حرص على إرسال كلمات جميلة مع باقة، ورد إلى زوجته اللاجئة في مصر.

جدد إسماعيل الذي يعمل في بورتسودان، وتحدث لـ”دروب” خلال رسالته التي بعثها إلى زوجته، عهد الحب الأبدي لها، كما حملت تفاؤلاً بتوقف الحرب والالتقاء مجدداً في ذات الأمكنة التي شهدت ميلاد حبهم.

تلك الكلمات أدخلت البهجة في نفسها، وجعلتها تشعر بالأمان، فتجديد العهد بالحب عبارة يتوق لها العشاق سيما النساء، واستطاع خالد بهذه الرسالة كسر حزن الفراق وإحياء أمل الالتقاء في المستقبل القريب.

ولم تغب ملامح الاحتفاء بعيد الحب على الأرض في السودان فحسب، لكنها اختفت حتى على منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي التي كان يتصدرها الحديث عن الفلنتاين في مثل هذه الأوقات.

ففي هذه اللحظات التي يحتفي فيها العالم بعيد الحب، يمتلئ الفضاء الاسفيري في السودان بمجريات المعارك العسكرية والقتل والتشريد والجوع، ولم يتذكر أحد الفلنتاين إلا في حدود ضيقة، في مشاهد تروي اختراق رصاص الحرب لمشاعر الحب في هذا البلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى