دارفور ليست قضية محلية.. أنها مرآة لإنهيار الدولة

كتبت/تماضر بكرى
حين التبصر في أزمة دارفور التى تتجاوز حدود الإقليم، هنالك سؤالًا وجوديًا عن مستقبل الدولة السودانية نفسها. فدارفور، التي طالما وُصفت بأنها هامش منسي، باتت اليوم مركزًا لصراع الشرعية، ومختبرًا لانهيار الدولة، ومسرحًا لاحتمالات الانفصال. وبين هدنة تُعلن على الورق، وحكومة موازية تُبنى في الميدان، يشتد الغموض وتتعاظم المخاوف.
وفى الوقت الذى لم يعد الحديث عن دارفور مقتصرًا على النزوح والمجاعات، أنما انتقل إلى لغة المؤسسات والسلطةو إعلان حكومة موازية في نيالا بقيادة قوات الدعم السريع، وتعيين محمد حسن التعايشي رئيسًا للوزراء، وعبد العزيز الحلو نائبًا لرئيس المجلس الرئاسي، يعكس تحولًا نوعيًا في موقع دارفور السياسي. هذا التحول لا يعبّر فقط عن طموح محلي، بل يكشف عن تدنى صلاحيات سلطة الخرطوم، ويفتح الباب أمام سيناريوهات الانفصال أو الفيدرالية القسرية.
وعن الهدنة …سيناريوهات…
حين ينظر اليها كتكتيك بلا توقيع….
الهدنة المتوقعه والمزعومه لا تعاني فقط من هشاشة التنفيذ، بل من غياب الالتزام القانوني والسياسي. فحتى اللحظة، لم تُوقّع الأطراف المتنازعة على اتفاق هدنة شامل وملزم، بل اكتفت بإعلانات إعلامية أو تفاهمات غير رسمية. هذا الغياب للتوقيع الرسمي يُفرغ الهدنة من مضمونها، ويجعلها عرضة للخرق في لحظة توقيعها . فكيف يمكن الحديث عن سلام دون وثيقة تُلزم الأطراف وتُحاسب من ينتهكها؟
نقاظ تثير التخاوف :-
– عدم التوقيع الرسمي يعني أن الهدنة ليست أكثر من نوايا معلنة، بلا ضمانات.
– غياب الالتزام العملي يظهر في استمرار القتال في الفاشر، وتدهور الوضع الإنساني.
– الهدنة كأداة سياسية تُستخدم لتجميل الصورة أمام المجتمع الدولي، لا لإنهاء الحرب فعليًا.
– سيناريوهات المستقبل: بين الانفصال والتقسيم
المشهد الراهن يطرح ثلاثة احتمالات-
# _الانفصال الفعلي_ : إذا استمرت الحكومة الموازية في ترسيخ مؤسساتها، ووجدت دعمًا خارجيًا، فقد نشهد ولادة كيان سياسي جديد في دارفور.
# تقسيم السودان إلى مناطق نفوذ : مع غياب سلطة مركزية قوية، قد تتحول دارفور إلى إقليم شبه مستقل، تديره قوى محلية مسلحة.
#عودة إلى طاولة التفاوض:
وهو احتمال ضعيف، لكنه يظل قائمًا إذا توفرت إرادة سياسية وضمانات دولية حقيقية.
هل من أمل
عند التعمق في الواقع…لا امل يُبنى على هدنة هشة، ولا على تفاهمات غير موقّعة، عليه يجب الشروع في مشروع وطني جامع يعترف بالمظالم التاريخية، ويؤسس لعدالة انتقالية، ويضمن مشاركة حقيقية لكل الأقاليم. دارفور لا تحتاج إلى تهدئة مؤقتة، بل إلى مصالحة جذرية تعيد تعريف العلاقة بين المركز والهامش، وتكسر دورة التهميش والعنف وتعيد الثقة المجتمعية بين مكونات الوطن الواحد وعلي العالم والحادبين علي الوطن عدم النظر الى دارفور كقضية محلية، بل مرآة لانهيار الدولة السودانية. والهدنة، في ظل غياب التوقيع والالتزام، ليست سوى فصل جديد في صراعات طويلة ، قد ينتهي بإعادة رسم حدود السودان ما لم يُكسر هذا المسار. فهل يملك السودانيون شجاعة الاعتراف بالحقيقة، والبدء من جديد.


