تقارير

الأمطار تعمّق جراح اللاجئين السودانيين في تشاد

دروب 20 يوليو 2025 – وجدت اللاجئة السودانية في مخيم “تلم” بشرق تشاد هدى أحمد عبد الله، نفسها في العراء بلا مأوى بعدما قذفت الأمطار الغزيرة والعواصف بخيمتها الصغيرة بعيداً، في وقت تفتقد فيه الغذاء ومياه الشرب والعلاج.

تروي هدى لـ”دروب” قصة جراحها التي بدأت تتعمق مع حلول فصل الخريف، بينما لم تجد من يساعدها على تضميدها، وتكافح وحيدة وسط ظروف قاسية من أجل البقاء على قيد الحياة.

تقول “سقطت خيمتي، ومئات الخيام في معسكر تلم خلال أمطار ورياح عصفت بالمخيم يوم 11 يوليو الجاري، وحتى اليوم لم يبادر أي مسؤول أو منظمة بزيارتنا والوقوف على الوضع الصعب الذي نعيشه. لقد نجوت من القتال في الفاشر، لكني اصطدمت بحال أسوأ من الحرب”.

ويقع مخيم “تلم” شرق تشاد بالقرب من الحدود السودانية، ويأوي عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين منذ حرب دارفور الأولى التي اندلعت في 2003، وآخرين فروا بسبب القتال الحالي بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ومنذ بدء الحرب في السودان في أبريل 2023، عبر أكثر من 844 ألف لاجئ سوداني إلى تشاد، التي كانت تستضيف بالفعل ما يقرب من 409 آلاف سوداني فروا من موجات سابقة من الصراع في دارفور منذ عام 2003، وفق مفوضية الأمم المتحدة.

مآسي مضاعفة

وتواجه اللاجئة السودانية هدى أحمد عبد الله معاناة مضاعفة، بسبب سقوط مخيمها وعدم وجود ما تأكله هي وأطفالها، إذ لم تحصل على أي حصة غذائية منذ وصولها إلى مخيم تلم في يناير الماضي، وفق ما أفادت به “دروب”.

وتقول هدى “لم نتسلم البطاقة التي بموجبها تُسلم الحصص الغذائية، وفي كل مرة يبلغونني بأن كرتي لم يأت من جنيف حتى الآن، وتواصلت مع موظفي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولم نتحصل على أي إجابة مقنعة. هناك آلاف اللاجئين الجدد لم يتلقوا مساعدات، إنه وضع صعب جداً”.

وتضيف “ظللت طيلة الفترة الماضية نعتمد على جيراني في الطعام، هم كذلك يعانون بشدة؛ لأن المساعدات المقدمة لهم محدودة، ولا تكفي حاجتهم. نناشد جميع المنظمات للتحرك العاجل لإنقاذ حياتنا”.

وفي 3 يونيو الماضي، قال منسق مفوضية الأمم المتحدة في تشاد دوسو باتريس أهوانسو، “على الرغم من جهود الشركاء الإنسانيين والسلطات المحلية، لم تتم تلبية سوى 14% من الاحتياجات الحالية للاجئين السودانيين في تشاد؛ بسبب النقص الخطير في التمويل، مما يترك عشرات الآلاف معرضين للظروف الجوية القاسية وانعدام الأمن”.

اللاجئة السودانية، سلمى محمد هي الأخرى سقطت خيمتها في معسكر تلم شرقي تشاد، وظلت على مدار أسبوع تقيم في العراء بجوار حطام منزلها، تنتظر من يغيثها.

تقول سلمى لـ”دروب” “تضررت كثيرا سبب الأمطار الأخيرة، فقد سقطت منزلي، وانهارت دورات المياه، مما أدى إلى تلوث بيئي، ولا نجد أين نقضي حاجاتنا، نناشد المنظمات بالإسراع في مساعدتنا، فالوضع قاس ولا يحتمل”.

نقص المساعدات

من جهتها، تكشف اللاجئة السودانية فاطمة حامد محمد أن أكثر من 30% من المنازل في مخيم تلم الذي تقيم فيه، تدمرت بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت في الحادي عشر من يوليو الجاري، وتركت اللاجئين في العراء، ولم تحدث أي تدخلات إنسانية.

وتقول لـ”دروب”: “هذه المخيمات مشيدة من الصفيح والمشمعات، لا تحتمل الأمطار بمعدلات عالية، لذلك كان يفترض أن تقوم مفوضية اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي بمتابعات دورية لها، لكن حتى الآن لم يحصل المتضررون على أي مساعدات أو إجراءات إسعافية”.

وتضيف “الوضع الإنساني في مخيم تلم تدهور بصورة كبيرة بعد هطول الأمطار. هناك نقص كبير في الغذاء، حتى نحن اللاجئين الذين لدينا بطاقات صرف حصص غذائية نعاني بشدة، لأن كمية العون المقدم قليل جدا مقارنة بالحاجة الفعلية، حيث نُمنح نحو 1200 فرنك تشادي في الشهر، وهو مبلغ رمزي لا يكفي حاجة أسرة مكونة من 5 أشخاص ليوم واحد، ومع ذلك تختفي لشهرين في بعض الأحيان”.

وتابعت “بيننا أشخاص كبار في السن ومرضى، وأشخاص ذوي الإعاقة يعانون بشدة مع ظروف الأمطار ونقص الطعام ومياه الشرب. توجد روح تكافل عالية بين اللاجئين السودانيين، لكن الجميع لديهم ظروف اقتصادية مشابهة، نحن بحاجة إلى من ينقذ حياتنا”.

وكان منسق مفوضية الأمم الفي تشاد دوسو باتريس أهوانسو، أقر في الثالث من يونيو الماضي، بضعف المساعدات المقدمة للاجئين السودانيين، إذ لا يحصلون حاليا إلا على خمسة لترات من الماء للشخص الواحد يوميا، وهو أقل بكثير من المعيار الدولي الذي يتراوح بين 15 و20 لترا لتلبية الاحتياجات اليومية الأساسية.

وفي 15 يوليو الجاري، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن العنف المتصاعد والنزوح والأمطار الغزيرة تزيد حدة معاناة المدنيين في السودان، الذين يعيشون صراعا مستمرا منذ نحو 27 شهرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى