تعاون النائب العام ووزير المالية في توجيه الضربة القاضية على العدالة الجنائية !!

سيف الدولة حمدناالله
تلفت النائب العام حوله، ووجد الدولة مشغولة بالحرب، ولا توجد محكمة دستورية او غير دستورية تراجع فعله، فخرج بوسيلة عبثية رأى فيها ما يمكنه من الحصول على الأموال التي تكفيه ومرؤوسيه على حساب العدالة (حسبما نبين لاحقا من اوجه صرفها)، فقام معاليه بجرد جميع الأعمال التي يتوجب على النيابة القيام بها في خدمة العدالة، وأرسلها لوزير المالية الذي أصدر بدوره تعميما فرض بموجبه رسوما متفاوتة على أي ورقة يصدرها وكيل النيابة خلال مباشرته اليومية لعمله الجنائي ومثلها التي تصدر من رؤسائه بحسب التسلسل الهرمي للنيابة.
قائمة أعمال النيابة والرسوم المفروضة عليها بعضها ما يحملك على السخرية والاستهزاء وأخرى ما يجعلك تجهش بالبكاء على ما وصل بمسئولي هذا الوطن من استهتار.
الرسوم في حدها الأدنى تبدأ من الفي جنيه وتصل الى مبلغ مائة ألف لبعض الأعمال التي تقوم بها النيابة. وتضم القائمة خمسون بندا خاضعا للرسوم.
نأخذ منها على سبيل المثال، على المواطن دفع رسم على طلب فتح البلاغ ومثله لإصدار امر القبض، ورسم لطلب إطلاق السراح بالضامن، أو أي أمر آخر يصدره وكيل النيابة أثناء التحري بما في ذلك طلب مخاطبة الجهات الحكومية والخاصة وشركات الاتصالات…. الخ.
من بين قوائم الرسوم الباهظة، على المواطن دفع مبلغ عشرون الف جنيه على طلب نبش الجثة اذا طلب ذلك اهل القتيل بغرض التشريح للتأكد من أسباب الوفاة، ومن بين الرسوم التي تحمل على السخرية والاستهزاء، دفع رسم لاسترداد الشاكي للمال الذي ارتكبت بشأنه الجريمة، فإذا تعرض شخصا للنشل عليه ان يدفع رسما لاسترداد محفظته من الشرطة وقد يكون الرسم المدفوع أعلى قيمة مما في جوف المحفظة نفسها.
بعد أن أصدر وزير المالية توجيهه بعبارات صارمة للنائب العام بعدم التهاون في تحصيل الرسوم، عاجله بخطاب رقيق متزامن في وقت الصدور، وضع فيه موجهات صرف تلك الأموال، وهي تضم صرف النائب العام ورؤساء النيابة على حوافز ومكافآت أعضاء النيابة والصرف على ضيوف النيابة والصرف على الأنشطة الإجتماعية لأعضاء النيابة والصرف على الزيارات التي يقومون بها، كل ذلك دون تحديد سقف للاموال التي تصرف على هذه الأغراض، علاوة على التصريح بالصرف على كل معينات العمل مثل تأجير المباني والسيارات وشراء الوقود وتوفير الطاقة الكهربائية… الخ، كل ذلك دون رابط ولا ضابط ولا قيد.
هكذا يكون النائب العام قد وضع السودان كأول دولة في هذا الكون الفسيح تجعل واجب الدولة في تطبيق العدالة الجنائية على حساب المتضرر من الجريمة.
أما خطورة هذا العبث فإنه قد يحمل الشخص الفقير الذي يتضرر من جريمة اعتداء على النفس او المال وهو عاجز عن مواجهة هذه الرسوم الباهظة، أن يقتص لنفسه بنفسه بعيدا عن النائب العام ورسومه.