تقارير

“الكوليرا” تفتك بالسودانيين وسط تدهور الأوضاع البيئية والصحية

دروب 27 مايو 2025 – طالب سودانيون بضرورة إعلان البلاد منطقة كوارث صحية لاستقطاب الدعم اللازم لمجابهة وباء “الكوليرا” الذي فتك بالسكان في في عدد من الولايات، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.

يأتي ذلك بينما يعاني النظام الصحي من انهيار شبه تام وغياب شبه كامل لخدمات المياه النظيفة بعدما تعطلت محطات المعالجة بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي تعرضت محولاته للتخريب بواسطة طيران مسير يتبع لقوات الدعم السريع.

وتحدثت “دروب” مع مصادر طبية ومواطنين في أمدرمان وجبل أولياء وشرق النيل وسنار، حيث أوضحت حجم تفشي الكوليرا وسط تكتم السلطات التي تحاول منع تسرب الأرقام الحقيقية للإصابات والوفيات.

واعتقلت السلطات في مدينة أمدرمان يوم الثلاثاء المتطوع بمستشفى النو علي جباي، على خلفية نشره صورة لأحد الأشخاص وجد متوفياً في مسجد المستشفى متأثرا بمضاعفات الكوليرا.

وقال علي جباي في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك” إن المسلحين الذين اعتقلوه وضربوه، حذروه بأن لا يتناول موضوع إصابات أو وفيات الكلويرا.

وذكر مواطن من مدينة أمدرمان لـ”دروب” أنه مرّ خلال يومي الثلاثاء والأربعاء بجوار مقابر السرحة ثلاث مرات من الفترة السابعة وحتى الحادي عشرة صباحا وفي كل مرة كان يشاهد مجموعة من الناس تدفن موتى.

وتُعد مدينة أمدرمان أكثر المناطق تضررًا بالكوليرا، حيث اكتظت فيها مراكز العزل حتى أصبح العديد من المرضى يفترشون الأرض في الطرقات القريبة من المستشفيات وهم يتلقون العلاج.

وأعلنت نقابة أطباء السودان يوم الثلاثاء، عن وفاة أكثر من 1000 شخص بمرض “الكوليرا” في خمس ولايات سودانية وسط غياب الاستجابة الفاعلة من السلطات الرسمية، وفق بيان.

غرب الحارات والحتانة

أكد متطوعون في منطقة غرب الحارات وفاة ثلاثة أشخاص يوم الثلاثاء، بسبب تفشي وباء الكوليرا. وأشاروا إلى أن اثنين منهم توفيا بعد ساعات من وصولهما إلى مستشفى بسبب مضاعفات المرض وعدم توفر العلاج الكافي، بينما توفى الثالث في الطريق.

وأوضح المتطوعون أن المرض تفشى بشكل كبير، إلا أن حكومة الولاية تتكتم على الوضع وتفرض قيودًا على الأطباء والمرافقين وتمنع وسائل الإعلام من الوصول إلى مراكز العزل، مما  يحول دون نقل حقيقة الأوضاع.

وفي سياق متصل، أفاد متطوع بمنطقة الحتانة بمحلية كرري شمال أمدرمان  بأن المنطقة شهدت خلال الأيام الثلاثة الماضية وفاة 6 مواطنين بسبب تفشى الكوليرا.

وقال لـ”دروب” إن منطقة الحتانة سجلت عشرات الإصابات بالكوليرا، تم إسعاف عدد منها إلى مراكز العزل المنتشرة في المدينة.

ووصف الوضع بالكارثي، مؤكدًا أنه يتطلب تدخل المنظمات المحلية والدولية العاملة في المجال الصحي لتجنب فقدان المزيد من الأرواح.

    جبل أولياء

قال مصدر طبي بمحلية جبل أولياء، جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، إن المنطقة تشهد تفشيًا كبيرًا  لوباء الكوليرا، وسط انهيار شبه تام في النظام الصحي وغياب شبه كامل لخدمات المياه والصرف الصحي.

وأشار المصدر إلى أن عدد الإصابات بالمنطقة تجاوز أكثر من 1700 حالة، فيما سُجلت 55 حالة وفاة، في عدد من المناطق خاصة منطقة فتيح العقليين والكلاكلة التي يتواجد فيها أعداد كبيرة من النازحين من منطقة الجموعية بالريف الجنوبي لمدينة أم درمان.

وكشف المصدر أن وزارة الصحة تنقل بعض المصابين بالكوليرا من أمدرمان إلى المستشفى التركي بالكلاكلة جنوب الخرطوم. وأكد أن الوضع بات سئًا للغاية وعددًا من المصابين يرقدون على في الأرض.

شرق النيل وسنار

من جهته، قال مصدر طبي بغرفة طوارئ شرق النيل لـ”دروب” إن  محلية شرق النيل سجلت أكثر من 80 حالة بالكوليرا، نتج عنها وفاة واحدة.

وأشار المصدر إلى وصول عشرات الإصابات إلى مستشفى البان جديد ومستشفى أم ضوًا بان بشرق النيل بينهم أطفال. موضحاً أن الوضع في شرق النيل لا يزال تحت السيطرة وجميع مراكز العزل تشهد استقرار في الإمداد الدوائي.

وشهدت ولاية سنار شرقي السودان، في الأيام الماضية تفشيًا مقلقًا لوباء الكوليرا، مما أدى إلى وفاة 5 أشخاص وإصابة أكثر من 70 آخرين وفقًا لمصدر طبي تحدثت لـ”دروب”.

وقال المصدر إن مركز العزل بمدينة سنار به 32 حالة، بينما غادرت نحو 34 حالة المركز بعد شفائها بشكل تام.

وكشف المصدر، أن السلطات الصحية في الولاية قررت إغلاق سوق سنار يوم الجمعة القادم، ومنعت المواطنين الشُرب من “الترع”، كإجراء احترازي لمنع انتشار المرض.

مخلفات الحرب

حول علاقة تفشي الكوليرا بمخلفات الحرب، تقول المهتمة بعلم الوبائيات الطبيبة لينا لطفي لـ”دروب” إن الكوليرا لا ترتبط بمخلفات الحرب مثل الأسلحة السامة أو التسمم الكيميائي.

وأشارت إلى أن الكوليرا هي عدوى بكتيرية تصيب الجهاز الهضمي وتنتج عن شرب مياه غير نظيفة، ملوثة بالبكتيريا الناقلة للمرض.

وأوضحت  أن المشكلة بدأت تتفاقم عندما لجأ  المواطنين إلى شرب غير آمنة بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي أدى إلى توقف جميع محطات المياه عن العمل، مما دفعهم إلى الاعتماد على عربات الكارو والتناكر لتلبية احتياجاتهم من المياه، ونتيجة لذلك تفاقمت الحالات   وانتشرت بشكل كبير.

وأضافت أن انتشار الكوليرا كان أكثر وضوحًا على طول شريط النيل الأبيض، خاصة وأنها تفشت سابقًا في ولاية النيل الأبيض، ومع انجراف مياه النيل يمكن أن  انتقال العدوى إلى ولاية الخرطوم.

وكانت نقابة أطباء السودان دعت يوم الثلاثاء إلى إعلان حالة طوارئ صحية عاجلة في كافة مناطق التفشي، وفتح مراكز عزل متخصصة في المستشفيات.

وأوضح أن نقابة الأطباء أحصت وفاة 346 شخص بالخرطوم و57 في شمال كردفان و33 بنهر النيل و30 في الشمالية بينما توفى في الجزيرة 45، وفي أمدرمان 500 وفاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى