تقارير

رئيس وزراء السودان.. جدل المنصب وصدمة الصلاحيات

دروب 22 مايو 2025 – توقع محللون وسياسيون أن يصطدم رئيس الوزراء السوداني المعين حديثاً، بعجز يحول دون تحقيق ما تطلع له البعض وذلك لغياب الصلاحيات التي سحبتها منه التعديلات الأخيرة على الوثيقة الدستورية.

وأثار تعيين الموظف الأممي السابق، كامل إدريس، رئيسًا للوزراء في السودان، جدل واسع وسط انقسام الآراء بين مؤيدة ومعارضة له.

وبين حالتي التأييد والرفض، ثمة من يرى عدم جدوى الجدل الدائر في المشهد بشأن تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء في البلاد، ففي اعتقادهم أن المنصب صار بلا قيمة عقب تعديلات أدخلت قبل 3 أشهر على الوثيقة الدستورية، كرست السلطة في يد مجلس السيادة، ورئيسه.

وفي فبراير 2025م أدخلت السلطة التي يقودها الجيش من مدينة بورتسودان، تعديلات واسعة على الوثيقة الدستورية، تم بموجبها سحب الكثير من صلاحيات رئيس الوزراء، ومُنِحَت إلى مجلس السيادة الذي يرأسه البرهان.

وحولت التعديلات نظام الحكم من برلماني تتركز فيه السلطات بيد رئيس الوزراء، إلى رئاسي يكرس السلطة في يد مجلس السيادة، الذي صار يمتلك سلطة تعين رئيس الوزراء وعزله.

كما سحبت التعديلات من رئيس الوزراء صلاحية إدارة ملف العلاقات الخارجية وتعيين قادة الخدمة المدنية، كما عززت سيطرة العسكريين على السلطة، بمنحهم 6 أعضاء في مجلس السيادة من أصل 9 أعضاء بما في ذلك رئيس المجلس، وفق التعديلات المنشورة في الجريدة الرسمية فبراير الماضي.

كسب الشرعية

وتسلم المرشح الرئاسي سابقاً والسياسي السوداني كامل إدريس مهامه كرئيس لمجلس الوزراء بعدما تم تعيينه بواسطة مجلس السيادة الأسبوع الماضي، وتعرض لهجوم واسع من مختلف التيارات السياسية في البلاد.

ويقول الخبير القانوني معز حضرة إنه “لا توجد قيمة لرئيس الوزراء لأنه سيعمل تحت إشراف قائد الجيش عبدالفتاح البرهان والعسكريين، لذلك لن يستطيع اتخاذ أي قرار دون موافقتهم، فالجدل الحالي ليس له جدوى، وأن تعيينه أتى ضمن محاولة من البرهان لإلهاء الشعب الذي يعاني الجوع، والسعي لكسب شرعية”.

وأضاف حضرة في تصريح مع “دروب” أن “الوثيقة الدستورية فقدت شرعيتها منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر 2021، وكل ما يجري هو محاولات من البرهان لتكريس السلطة في يده، فقد أعطى نفسه صلاحية تعيين رئيس الوزراء والقضاء، والنائب العام وغيرها من المناصب”.

وتابع “ليس هناك شرعية في أن يملك شخص واحد كل السلطات، فالبرهان يتحكم في السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما في ذلك سلطة الفصل والتعين، فهذه السلطات لم تتوفر حتى إلى فرعون”.

ورأى أن “البرهان يبحث عن شرعية للاستمرار في الحكم، ويريد أن يأتي بمجموعة مدنية يحركها كيف يشاء، في سبيل سعيه للحصول على شرعية لدى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لكن هذه الحيل لن تجدي؛ لأنه عسكري وأصل سلطته غير شرعي” وفق قوله.

وشدد حضرة “كان ينبغي أن يعطي الأولوية لوقف الحرب وإعادة السلطة إلى المدنيين، ومن ثم الانخراط في مسار إنساني لإغاثة ملايين السودانيين على شفا المجاعة، وفق وكالات الأمم المتحدة”.

موظف حكومي

من جهته، يرى المحلل السياسي صلاح حسن جمعة خلال حديث لـ”دروب” أن الجدل الدائر حول رئيس الوزراء الجديد كامل إدريس ربما يكون مقصوداً لخلق هالة وتضخيم المنصب، بغرض إنجاح المخطط من تعيينه وهو إعطاء شرعية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان في حكم البلاد.

وقال إن “منصب رئيس الوزراء أفرغ من محتواه تماماً بعد التعديلات التي أدخلت مؤخراً على الوثيقة الدستورية، والتي كرست السلطات في يد رئيس مجلس السيادة”.

وتابع “رئيس الوزراء كامل إدريس هو بمثابة عمدة بلا أطيان، ومجرد موظف لدى مجلس السيادة والعسكريين، وسيُعْزَل في أي لحظة طالما يملكون هذه السلطة في الوثيقة الدستورية”.

ويرى السياسي السوداني مبارك الفاضل أن التعديلات التي أدخلها البرهان على الوثيقة الدستورية في فبراير الماضي، حولت نظام الحكم الحالي الى رئاسي بسلطات تشريعية وتنفيذية واسعة، يمتلكها مجلس السيادة الذي يسيطر عليه العسكريين بالأغلبية.

وأضاف في تغريدة على منصة “إكس” أنه “في ظل هذا الواقع يتحول رئيس الوزراء الي وزير أول يعمل علي تنفيذ السياسات العامة بالتنسيق مع مجلس السيادة حسب نص الوثيقة الدستورية الجديدة”.

وأشار الفاضل إلى عدد من الصلاحيات التي تم سحبها من رئيس الوزراء منها “تعيين ولاة الولايات التي كانت من سلطة مجلس الوزراء، أصبحت بعد التعديلات من صلاحيات مجلس السيادة”.

كما “يملك مجلس السيادة سلطة تعيين رئيس الوزراء والوزراء وإعفاءهم بدون إبداء أسباب، كما أصبحت السياسة الخارجية مسؤولية مجلس السيادة بينما كانت من أهم صلاحيات رئيس الوزراء وحكومته”.

كذلك يملك مجلس السيادة مسؤولية الأمن والدفاع وسلطة تعيين مدير الشرطة والسجون وكافة الأجهزة الأمنية بعدما سُحبت من مجلس الوزراء في التعديلات الدستورية الأخيرة.

وأضاق الفاضل “نستخلص من الوضع الدستوري أعلاه ان تعيين مدني في منصب رئيس الوزراء في ظل سيطرة العسكريين علي الصلاحيات التنفيذية والتشريعية لا يشكل تغييرا سياسيا في المشهد المأزوم الذي نعيشه في السودان منذ انقلاب 25 اكتوبر 2021 واستمرار الحرب العبثية الحالية”.

ويوم الأربعاء، أعلن السكرتير التنفيذي لإيقاد، وركنه جيبيهو، في بيان الأربعاء، أنه أحيط علمًا بتعيين إدريس رئيسًا لوزراء جمهورية السودان من قبل رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان.

وأعرب عن أمله في أن يشكل هذا التعيين خطوة مهمة نحو إحياء عملية سياسية شاملة. كذلك رحب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف بخطوة تعيين رئيس للوزراء في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى