ليبيا تعلّمنا.. متى نتعظ نحن السودانيون؟
السلام يأتي حين يرفض الشعب أن يكون وقوداً للحرب.

عزيز الدودو
لطالما حكمنا على الشعب الليبي من خلال الصورة النمطية التي رُسمت له بعد 2011م.
شعبٌ عدواني، ميالٌ للعنف، بعيدٌ عن قيم الديمقراطية والسلام.
لكن الأحداث الأخيرة في طرابلس كشفت زيف هذه الصورة، عندما خرج الليبيون رافضين لإستمرار الحرب أثناء الاشتباكات المسلحة، مُثبتين أنهم شعبٌ واعٍ، يُفضل الحوار على الرصاص، ويسعى للسلام رغم كل محاولات جرّه إلى العنف.
هنا يطرح السؤال نفسه:
أين نحن السودانيون من هذا الدرس؟
نحن من نتباهى بأننا “شعبٌ مُعلّم”، سبقنا الشعوب العربية والأفريقية بثوراتٍ سلمية، من انتفاضة أكتوبر 1964 إلى ثورة أبريل 1985.ثم أخيراً ثورة ديسمبر ٢٠١٩م.
لكن هذا الإرث النضالي لم يحمِنا من الوقوع في فخ التواطؤ مع الحرب.
منذ اندلاع الصراع قبل عامين، تحوّلنا من شعبٍ ثائرٍ ضد الديكتاتورية إلى شعبٍ يُشارك – بصمتٍ أو بفعلٍ – في استمرار المأساة. لم نخرج جماعاتٍ غاضبين كالليبيين، لم نُجبر الأطراف المتحاربة على التراجع، بل تركنا الساحة للبنادق والدماء.
اليوم، تدخل الحرب عامها الثالث، والأطراف المتحاربة تُعيد إنتاج أزماتها، بلا نيةٍ للسلام، بينما الملايين يُهجّرون، والوطن يتحول إلى ركام. السؤال الأقسى:
كم عاماً آخر سنضيّعه قبل أن نتعظ؟
ليبيا أعطتنا نموذجاً حياً!
السلام يبدأ حين يرفض الشعب أن يكون وقوداً للحرب.
آن الأوان لأن نخرج من شرنقة الصمت، ونصرخ في وجه كل من يُزهق أرواح السودانيين :كفى!
فالشعب الذي لا يوقف الحرب بيديه، سيُدفن تحتها.