شهادات توثق اعدام عشرات المدنيين عقب استعادة الجيش السوداني لـ”شرق النيل”

دروب 25 أبريل 2025 – حصلت “دروب” على شهادات من ناجين وعالقين في العاصمة السودانية الخرطوم، توثق قتل عشرات المواطنين في ضاحية شرق النيل بواسطة منتسبين للجيش السوداني عقب استعادته السيطرة على المنطقة مطلع مارس الماضي.
وتتحفط “دروب” على نشر الشهادات الصوتية التي حصلت عليها لأسباب تتعلق بسلامة الشهود وعائلاتهم.
وبحسب الشهادات، فإن التصفيات شملت عاملين في مخابز ومحال تجارية ونساء بائعات شاي وأطعمة في أحياء النصر والهدى، ومحطة البيارة، بشرق النيل، وآخرين من سكان منطقة السامراب، وذلك بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.
يُقْتَاد أغلب المدنيون المتهمون بالتعاون مع قوات الدعم السريع إلى ميدان “كرتون بارونا” بالحاج يوسف الذي كان مخصصًا في السابق إلى ألعاب المصارعة الشعبية، وبعدها يقتلون قبل التخلص من جثامينهم، بحسب ناجين.
وتحدث الشهود عن مقتل نحو 57 مواطناً في مربع 26 حي النصر بشرق النيل، والذي يعرف بـ”البيارة” آخر محطة، غالبيتهم نساء كن يعملن في بيع الأطعمة والشاي مع حرق محالهن التجارية “رواكيب” بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.
وكان مسلحون من الجيش السوداني نشروا مقاطع فيديو توثق لحظة إضرامهم النيران في “رواكيب” النساء بائعات الشاي والأطعمة في حي النصر آخر محطة للمواصلات العامة، وفق ما تحققت منه “دروب”.
كذلك تحدث الشهود عن قتل أكثر من 370 مواطناً بعد اقتيادهم إلى ميدان “كرتون بارونا” بواسطة منسوبي الجيش السوداني، بينهم ما لا يقل عن 77 شخصاً مجهولي هوية لا يعرف مكاناً لذويهم، وبعض منهم ينحدرون من دولة مجاورة.
استهدفت التصفيات بشكل اساسي السكان الذين تنحدر أصولهم من إقليمي كردفان ودارفور غربي السودان، بعد اتهامهم بالتعاون مع قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على المنطقة.
وفي معظم الحالات تم التخلص من الجثامين على الطريق المؤدي إلى منطقة “عد بابكر” وأخرى تركت داخل الأحياء السكنية تأكلها الكلاب، وفق الشهود.
تتم عمليات تصفية المدنيين بوشاية من مواطنين كانوا يقيمون في منطقة شرق النيل، ويعمل بعضهم في التجارة، يعتقد أنهم يتعاونون مع الجيش السوداني.
وحسب افادة اثنين من الشهود فقد قتل أطفال صغار مع أمهاتهم، بزعم أن من أنجبوهم مسلحين بقوات الدعم السريع، ولا ينبغي أن يظلوا على قيد الحياة.
قتلوه هو وعائلته
من بين الأشخاص الذين صُفُّوا، رجل مسن يعمل مؤذن في منطقة الحاج يوسف الشقلة شمال مربع 24 يدعى “محمد”، قُتل هو وأولاده وزوجته، وفق الشهادات التي حصلت عليها وتحققت منها “دروب“.
خضع “محمد” للتحقيق من منسوبي الجيش بشأن الأسباب التي دفعته للبقاء في المنطقة طيلة الفترة الماضية، وأبلغهم أنه لم يكن يملك المال الكافي للمغادرة، لكنهم قتلوه هو وعائلته بعدما اتهموه بالعمل كـ”مأذون شرعي” من أجل إكمال الزيجات لرجال قوات الدعم السريع في المنطقة.
وبحسب المصادر نفسها، تمت تصفية إمام مسجد وعدد من المصلين في ضاحية السامراب أثناء خروجهم بعد صلاة الصبح من مسجد بالجزء الجنوبي من الحي الذي كانت تسيطر عليه قوات الدعم السريع، بتهمة التعاون مع هذه القوات.
قال شاهد إن “عدد القتلى من المدنيين بعد دخول الجيش إلى منطقة شرق النيل شرقي العاصمة الخرطوم، كبير ولا يحصى. القتل يتم عشوائياً ضربا بالرصاص على الرأس، دون مفاهمة”.
كذلك أكد شاهد آخر قتل عاملين اثنين في مخبز بمربع 26 حي النصر ينحدران من دارفور، بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع، بجانب بائعة شاي شهيرة في المنطقة نفسها تكنى بـ”حبشية” بعدما اُتُّهِمَت بالطبخ وصناعة الشاي لأفراد قوات الدعم السريع خلال فترة سيطرتهم على المنطقة.
وبحسب الشاهد فإن العاملين بالمخبز كانا قد انضما بالفعل لقوات الدعم السريع، بطلب من أحد قادتها حينما جاءا اليه يشكيان تعرضهما للنهب المتكرر فعرض عليهما الانضمام لمجموعته لحماية أنفسهم بعد منحهما السلاح. مبيناً أنهما عادا بعد ان حملا السلاح واسم قائد المجموعة وظلا يعملان بالمخبز حتى لحظة قتلهما.
وفي السياق تحققت “دروب” من مقطع فيديو منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهر مسلحين بزي الجيش السوداني وهم يقتادون رجل مسن يلوحون في وجهه بـ”السكين” ويرددون عبارات تشير إلى أنهم ينون قتله. وقد سأل أحد المسلحين الرجل المُسن عن قبيلته فأخبرهم أنه ينحدر من قبيلة شهيرة في كردفان ينخرط عدد من ابناءها في صفوف قوات الدعم السريع.
رد الجيش
وتواصلت “دروب” مع المتحدث الرسمي للجيش السوداني العميد نبيل عبد الله، وطلبت التعليق على مزاعم تصفية مدنيين في شرق النيل؛ شرقي الخرطوم وعرضت عليه ما جمعناه من شهادات بغرض الرد عليها.
وجاء رد نبيل نصاً “كيف تجمع هذه الأكاذيب ولمصلحة من، والأغرب كمان إنك سوداني، وتجمع مثل هذه التلفيقات لإدانة بلدك.. والله دا زمن غريب جداً”.
وكان الجيش السوداني أعلن في الأسبوع الأول من مارس الماضي، سيطرته الكاملة على منطقة شرق النيل التي كانت واقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
وفي يناير الماضي أعلن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن تقارير تفيد بوقوع عمليات إعدامات ميدانية في محيط مصفاة الجيلي بالخرطوم بحري، بحق مدنيين ينحدرون من دارفور أو كردفان، من قبل مقاتلين وميليشيا متحالفة مع القوات المسلحة السودانية.
وفي مطلع أبريل الجاري أعلن فولكر تورك عن تقارير موثوقة تشير إلى وقوع العديد من حالات الإعدام بإجراءات موجزة لمدنيين في عدة مناطق من الخرطوم، للاشتباه، على ما يبدو، في تعاونهم مع قوات الدعم السريع.