هل استبقت “حكومة تأسيس” اجتماع الرباعية لإرباك المشهد بالسودان؟

خاص – 29 يوليو 2025 – لم تنحصر ردود الأفعال حول الحكومة التي أعلنها تحالف “تأسيس” اليومين الماضيين، عند الرفض والقبول، بل ربطت تفسيرات الإعلان مع اجتماع مرتقب للآلية الرباعية الذي ينتظر أن يناقش خطة لوقف الحرب بالسودان.
وحسب محللون سياسيون فإن قوات الدعم السريع استبقت مع حلفائها الاجتماع الدولي المرتقب، بإعلان حكومتها لتضع الفاعلين أمام الأمر الواقع ويكون التفاوض بين حكومتين بدلاً عن حكومة وقوات متمردة.
ولم يستبعد المحللون أن يعترف المجتمع الدولي خاصة الدول المؤثرة على السودان، بـ”حكومة تأسيس” كوسيلة ضغط على الجيش وحلفائه في حال رفضهم لمخرجات اجتماع الرباعية، إلى جانب استخدام أدوات أخرى مثل العقوبات.
وكان تحالف “تأسيس” أعلن يوم السبت من مدينة نيالا جنوب دارفور، عن تشكيل مجلس رئاسي من عدد 15 عضواً، برئاسة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ينوب عنه قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان، عبد العزيز آدم الحلو، بجانب تسمية محمد حسن التعايشي، رئيساً للوزراء.
وأثار إعلان “حكومة تأسيس” ردود أفعال غاضبة من أنصار الجيش واعتبروها حكومة “أجندات إقليمية” قد تدفع بالبلاد نحو التقسيم على غرار ما حدث في ليبيا والصومال.
تبرير الدعم
ويرى الناشط السياسي، د. أمجد فريد، أن إعلان “حكومة تأسيس” لا يعدو كونه محاولة جديدة من دولة الإمارات والجهات الداعمة لقوات الدعم السريع، بغرض توفير غطاء ومنصة تبرر تقديم الدعم والتسليح المستمر لها تحت ستار دعم حكومة مدنية.
واستبعد فريد في حديثه لـ”دروب”، الربط بين توقيت إعلان حكومة تأسيس واجتماع الرباعية، مشيراً إلى أن الرباعية تهدف إلى وقف التدخلات الخارجية في السودان، وعلى رأسها الدور الإماراتي، الذي يتهمه بالاستمرار في إشعال الحرب من خلال تسليح قوات الدعم السريع.
وأشار إلى أن مخرجات اجتماع الآلية الرباعية المرتقب قد تُسهم بشكل كبير في وقف الحرب، حسب قوله.
وكانت مصادر سياسية سودانية، ذكرت لـ”دروب” في وقت سابق أن الاجتماع المرتقب للآلية الرباعية بشأن السودان، سيناقش وثيقة أمريكية تطرح تسوية نهائية للصراع السوداني، على أن يتم دعوة قائدي الجيش والدعم السريع لتوقيعها، تمهيدًا لترتيبات سياسية بشأن مستقبل الحكم في البلاد.
مكاسب سياسية
اعتبر د. مصعب فضل المرجي، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، إعلان حكومة موازية بالسودان يمثل تحولاً في مسار الصراع في البلاد، الذي لم يعد عسكريًا فقط منذ صدور وثيقة التأسيس، وانضمام قوى سياسية ومدنية وعسكرية لها قبل إعلان حكومة موازية بمؤسسات مدنية، وفق قوله.
وأوضح المرجي لـ”دروب” أن توقيت الإعلان قد يكون خطوة تكتيكية من داعمي الدعم السريع الإقليميين، لطرح “تأسيس” كحكومة مدنية في مواجهة الحكومة السودانية، وليس مجرد طرف عسكري يمكن دمجه في الجيش بعد المفاوضات.
وأشار إلى أن الدول الداعمة للدعم السريع تسعى لتحقيق مكاسب سياسية من أي مفاوضات قادمة، محمّلاً الجيش السوداني وحلفاءه مسؤولية ما وصفه بالتطورات التي قد تدفع بالبلاد إلى سيناريو التقسيم أو تكرار النموذج الليبي، نتيجة الإصرار على الحسم العسكري رغم الظروف الإنسانية المعقدة.
وأردف قائلاً: “يتحمل الجيش، إلى جانب حلفائه من الحركة الإسلامية والقوى التي ساندت انقلاب 25 أكتوبر، مسؤولية فشل جهود السلام منذ البداية”، وتابع: “أعتقد أن التفاوض لن يكون بين طرفين عسكريين إذا أوصت الرباعية بحل سياسي شامل”.
ولم يستبعد فضل المرجي أن يعترف المجتمع الدولي وخاصة الدول الساعية لإحلال السلام، بحكومة تأسيس كوسيلة للضغط على الجيش وحلفائه في حال رفضهم لمخرجات الرباعية، إلى جانب استخدام أدوات أخرى مثل العقوبات.
صناعة السلام
من جهته لم ينفِ د. أحمد التجاني سيد أحمد، القيادي في تحالف “تأسيس”، وجود علاقة بين توقيت الإعلان عن الحكومة الموازية واجتماع الآلية الرباعية المقرر اليوم في العاصمة الامريكية واشنطن.
وقال سيد أحمد في تصريح لـ”دروب” إن الاجتماع قد يمهد لعملية وقف إطلاق نار، وهو ما يستدعي وجود حكومة موازية تفاوض الطرف الآخر.
وأضاف أن “حكومة السلام تمثل كل السودان، وليست الدعم السريع فقط، والهدف من تكوينها هو صناعة السلام، ومعالجة تشوهات الدولة القديمة، وبناء دولة تقوم على المواطنة”.
من جانبه، رأى محمدين محمد إسحق، القيادي بحركة العدل والمساواة السودانية، أن إعلان الحكومة الموازية في هذا التوقيت يهدف إلى الضغط على الحكومة السودانية للتفاوض عبر بعض أطراف الرباعية، وعلى وجه الخصوص دولة الإمارات، التي قال إنها تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي لقوات الدعم السريع.
ووصف محمدين في تصريح لـ”دروب” إعلان حكومة تأسيس بأنه “خطوة يائسة” بعد فشل تلك الجهات عسكريًا في الإطاحة بالحكومة الحالية، سواء من مكونها المدني أو العسكري، مؤكدًا أن الجيش والقوات المشتركة والمواطنين المتطوعين أفشلوا هذا المخطط.