أصدقاء دروب

وقفة دلقو… بين المطالب الخدمية والملفات الغائبة

كتب عبدالمنعم العمرابي

الوخز بالابرة

شهدت محلية دلقو وقفة احتجاجية لافتة، عبّر فيها المواطنون عن مطالب تنموية وخدمية تأخر تنفيذها لسنوات. وقد تمحورت أبرز المطالب حول الطريق الرابط بين دنقلا – أرقين – سيسة، وكبري المضيقين، وصيانة البنطون، إضافة إلى الدعوة لإبعاد شركات التعدين عن القرى حفاظًا على أمن وصحة المواطنين.

هذه المطالب تعكس بلا شك حرص الأهالي على تحسين أوضاعهم المعيشية، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات حول غياب قضايا أساسية ظلّت مثار جدل واسع داخل المحلية، وعلى رأسها ملفات الفساد الإداري والمالي، وكذلك النشاط غير المنظم لشركات التعدين.

وخزة اولي

غياب الملفات الحساسة

يتفق الكثيرون على أن الوقفة لم تلامس بعض القضايا الجوهرية التي تشغل الرأي العام المحلي. فقد ترددت في الفترة الماضية اتهامات بوجود تجاوزات في إدارة المحلية، شملت المدير التنفيذي الذي ارتبط اسمه بحادثة نقل أحد المراجعين الماليين إلى احدي المستشفيات إثر كشفه شبهة فساد، إضافة إلى شكاوى من ممارسات منسوبة لمدير احدي الوحدات الإدارية، أبرزها فرض مبالغ كبيرة على الآبار بإيصالات مالية مثيرة للجدل. كما برزت قضية ما عُرف بـ”عصابة الأراضي”، التي يُقال إنها لعبت دورًا في قرار تبعية “البوم” لحلفا، وهو القرار الذي أثار احتجاجات واسعة وقتها.
هذه الملفات، بحسب كثيرين ، كانت جديرة بأن تتصدر المطالب، باعتبارها تمس الشفافية والمساءلة، وتشكل مدخلًا لأي إصلاح أو تنمية مستدامة.

وخزة عميقة

التعدين… جدل متواصل

من جانب آخر، ورغم حضور قضية التعدين ضمن الشعارات، إلا أن الطرح ظل عامًا دون التطرق إلى التفاصيل الدقيقة التي أثارت مخاوف المواطنين لسنوات. فهناك حديث عن شركات تُعرف محليًا باسم “شركات البوكو” تستخدم مواد كيماوية محظورة عالميًا، كالزئبق والسيانيد وسط غياب المعلومات الرسمية حول تبعيتها القانونية أو الجهة المشرفة عليها.
كما يبرز اسم شركة SMT بوصفه لغزًا لم تتضح معالمه بعد هذه الشركة كانت خارج الانتاج تقريبا من سنوات . إذ تشير روايات إلى ارتباطها السابق بقوات الدعم السريع، وإلى علاقات مع شركات مثل الفاخر وان احد الذين ارتبطو بها كان موجود الي وقت قريب – هذه الشركة التي طالتها عقوبات أمريكية – مع شركة الجنيد. أسئلة كثيرة تظل مطروحة: هل هذه الشركات تعمل بعلم ورقابة السلطات المختصة؟ وهل هي مسجلة ضمن إدارة الشركة السودانية للمعادن؟ أم أنها تعمل في مساحات غير مقننة خارج الإطار القانوني؟ أين آليات هذه الشركة والمعدات التي كانت فيها …؟؟ وهل يعلم ممثل الاستخبارات ..بهذه الشركات اذا كان يعلم يبقي مصيبة واذا لايعلم المصيبة اكبر ..

وخزة عند اللزوم

بين التنمية والإصلاح

ما يميز وقفة دلقو الأخيرة هو أنها أكدت قدرة المواطن النوبي على التعبير المنظم عن مطالبه، غير أن تقييم الحراك يظل مرتبطًا بقدرته على ملامسة جذور الأزمات، لا الاكتفاء بالمطالب الخدمية. فالتنمية لا تنفصل عن الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد، كما أن تحسين البنية التحتية لن يكتمل أثره إذا ظلت البيئة مهددة بأنشطة تعدين غير مقننة.

وخزة ماقبل الاخيرة

وقفة دلقو مثلت خطوة مهمة في كسر الصمت، لكنها تفتح في الوقت نفسه باب النقاش حول أولويات المرحلة القادمة. هل المطلوب التركيز على الخدمات العاجلة فقط، أم المضي أبعد نحو معالجة قضايا الفساد والتعدين؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ما إذا كانت هذه الوقفة بداية لتحول حقيقي في المحلية، أم مجرد محطة في مسار طويل ما زال ينتظر حراكًا أوسع وأكثر شمولًا…

 

وخزة اخيرة إلى والي الولاية

في هذا السياق، لا بد من توجيه رسالة مباشرة إلى والي الولاية الشمالية: إن قضايا دلقو لم تعد تحتمل التأجيل أو المعالجات الجزئية. فملفات الفساد الإداري والمالي، وما يثار حول تجاوزات بعض الوحدات، وكذلك أنشطة شركات التعدين غير المقننة، كلها تستدعي موقفًا حاسمًا وإرادة سياسية قوية.
لقد بدأتم مشوار محاربة الفساد والمفسدين في الولاية، والآمال معلّقة على أن يمتد هذا الجهد ليشمل محلية دلقو، عبر فتح تحقيقات شفافة، وإبعاد كل من يثبت تورطه، وضرب من يتلاعب بمقدرات المواطنين بيدٍ من حديد.
إن شباب دلقو بمختلف قراها يقفون إلى جانبكم في هذه المعركة، وسيكونون سندًا قويًا لكم من أجل بناء محلية أكثر عدلاً وشفافية، وتشييد تنمية حقيقية تعيد الثقة بين المواطن والدولة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى