هل يكفي تغيير الوزير لإنقاذ التعليم العالي؟ أم أن لجان المطالبة هي من تصنع الفارق؟

كتبت / تماضر بكرى
في السودان، حيث تنهار المؤسسات تحت وطأة الحرب والشلل الإداري، لا يُنظر إلى تعيين وزير جديد للتعليم العالي كخبر بروتوكولي، بل كاختبار حقيقي: هل يمكن إصلاح منظومة التعليم العالي؟ أم أن الأزمة أعمق من مجرد تبديل الوجوه؟
تعيين البروفيسور أحمد مضوي موسى وزيرًا للتعليم العالي والبحث العلمي ضمن حكومة “الأمل” أثار اهتمامًا واسعًا، لكن الواقع لا ينتظر الأمنيات، بل يطالب بخطط جذرية، وقرارات شجاعة، واستجابة حقيقية لمطالب الفئات العاملة داخل الجامعات.
* أزمة التعليم العالي… بنية منهارة وكفاءات مهاجرة*
يظهر انهيار الجامعات السودانية وهى تعاني من دمار واسع في بنيتها التحتية، خاصة في الخرطوم وأم درمان والجزيرة ، حيث خرجت أكثر من 60% من المؤسسات التعليمية عن الخدمة.
في الوقت ذاته، تستمر هجرة الكفاءات الأكاديمية، (إذ غادر نحو 70% من أعضاء هيئة التدريس البلاد، تاركين فراغًا يصعب تعويضه.)
تسييس التعليم، ضعف التمويل، وانفصال المناهج عن سوق العمل، كلها عوامل جعلت من التعليم العالي ساحة للصراع لا للعلم، وأنتجت خريجين بلا فرص، وباحثين بلا أدوات. والتساؤل هنا هل يمتلك الوزير الجديد… أدوات التغيير؟
البروفيسور أحمد مضوي موسى يحمل خلفية علمية مرموقة، لكن التحدي الحقيقي ليس في سيرته الذاتية، بل في قدرته على مواجهة منظومة مترهلة، ومقاومة شبكات مصالح مترسخة. هل يستطيع أن يفرض إصلاحات حقيقية؟ هل يملك صلاحيات كافية؟ أم سيكون مجرد واجهة في حكومة تُراهن على الرمزية أكثر من الفعل؟ لكن هنالك حضور قوى…لجان المطالبة… صوت العاملين الذي لا يُمكن تجاهله في قلب أزمة التعليم العالي، برزت لجان مطلبية قويةسابقا تمثل مختلف الفئات،وتعيد ترتيب نفسها حاليا و جميعها توحدت حول هدف واحد: انتزاع الحقوق . أبرزها لجنة العاملين بالتعليم العالي التي قادت إضرابًا ناجحًا عام 2022، وحققت مكاسب ملموسة في الهيكل الراتبي. وقبلها ظهرت لاجسو ، لجنة أساتذة الجامعات، لتدافع عن استقلال الجامعات وتحسين شروط الخدمة، ثم تأسست ماجسو بنفس الهدف…. وفي وجود هذه تشكلت لجنة التقنيين المركزيه حاملة مشاكل واقعية تمثل فئة التقنيين.. ورغم اختلاف المسميات، فإن هذه اللجان أثبتت أن العاملين ليسوا مجرد موظفين، بل قوة نقابية تصنع الفارق.
كانت أبرز المطالب التى وقفت عليها اللجان بالتعليم العالي الاستحقاقات، وتحسين بيئة العمل، هيكل راتبي عادل..النظر في امر الترقيات استقلال الجامعات، تحسين الرواتب، ، دعم السكن، تخفيض رسوم الدراسات العليا للعاملين بالجامعات.. وصف وظيفى.. وغيرها….
ولكن ظاهر الامر ان الواقع لا ينتظر… والتعليم في خطر*
ويظهر الخطر في الجامعات حين تتراجع تصنيفاتها، والطلاب يدرسون في ظروف غير إنسانية، والأساتذة والعاملون يعملون بلا ضمانات أو تقدير وبلا رضا والوقت لا يسمح بالمجاملات أو الخطط البطيئة. نحن أمام لحظة فارقة: إما أن يُعاد بناء التعليم العالي كأولوية وطنية، أو أن يستمر الانهيار بصمت، حتى نفقد ما تبقى من الأمل.
فهل نعى ويعى السادة بان التغيير لا يبدأ من المكتب الوزاري، بل من كسر الصمت*
ان تغيير الوزراء وخطوة، لكنها لا تكفي.
وما يحتاجه السودان اليوم هو إصلاح جذري، يضع التعليم في قلب مشروع الدولة، لا في هامشها.
وما يحتاجه الوزير الجديد هو أن يكون صوتًا للفئات المطالبة، لا صوتًا عليها.
فهل يفعلها؟ أم أن لجان المطالبة ستظل وحدها في ساحة المعركة؟



