سفوط النهود: ضربة استراتيجية للجيش السوداني وتصعيد مقلق

عزيز الدودو
يشكل سقوط مدينة النهود تحت سيطرة قوات الدعم السريع منعطفًا خطيرًا في الصراع الدائر بالسودان، حيث يفاقم الأزمة الحالية ويُعيق قدرة الجيش على الوصول إلى إقليم دارفور وكسر الحصار المضروب على الفاشر. وجاء هذا التطور بعد أيام فقط من استيلاء الدعم السريع على أم كدادة غرب النهود، لتمتد سيطرتها إلى آخر معاقل الجيش في ولاية غرب كردفان، مما يحطم الآمال التي كانت معقودة على هذه المدينة الاستراتيجية.
لا يقتصر تأثير السقوط على تعقيد أوضاع دارفور، بل يمتد ليُهدد مدينتي الأبيض والدبة شمالًا. فقد كانت النهود، بموقعها الجغرافي الحيوي، مركزًا للتواصل والتفاعل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بسبب كثافتها السكانية. وبسقوطها، تتقلص فرص إنقاذ الفاشر المحاصرة، بينما تتعرض المدينتان الأبيض والدبة لضغوط متزايدة.
يُمثل هذا الانتصار للدعم السريع نقطة تحول فارقة في الحرب، وقد يُفتح الباب أمام تحركات مفاجئة تجاه الأبيض أو الدبة أو حتى بابنوسة. ويبدو أن القوات قد استفادت من دروس المراحل السابقة، حيث دخلت المعركة بأسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، مما ساهم في خفض خسائرها البشرية مقارنةً بالمراحل الأولى حين كان الجيش يمتلك التفوق في هذا المجال.
تعيد قوات الدعم السريع انتشارها وفق خطة واضحة، مدعومة بسلسلة انتصارات متتالية وتعزيزات عسكرية جديدة، في وقت يُعاني فيه الجيش من تراجع قدرات سلاح الجو وضربات الطائرات المسيرة، والتي كان آخرها استهداف قاعدة وادي سيدنا ومقر الفرقة ١٨ في كوستي.
في الجانب الآخر، تواجه السلطة الانقلابية في بورسودان عقبات كبيرة في تأمين توريد الأسلحة، مما دفعها للبحث عن قنوات تهريب عبر وسطاء أجانب وشركات خاصة. إلا أن توتر العلاقات مع الإمارات كشف بعض هذه الشبكات، مما زاد من تعقيد وضع حكومة بورسودان.
وسط هذه التطورات المتسارعة وتقلبات المعارك، يظل المدنيون السودانيون هم الأكثر معاناة. فمع استمرار الحرب وغياب إرادة حقيقية لدى الأطراف لإحلال السلام، يطول أمد الأزمة، ويبقى المستقبل مجهولا أمام شعب يُدفع ثمن صراع لا نهاية له في الوقت القريب.