تقارير

احالات واعتقالات.. ما علاقة صراع الإسلاميين بقرارات البرهان؟

دروب 21 أغسطس 2025 – اعتبر سياسيون أن قرارات قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، وما تلاها من اعتقالات لبعض الضباط المحالين للمعاش، تأتي في سياق الصراعات الممرحلة بين تيارات حزب المؤتمر الوطني الحاكم على عهد الرئيس السابق عمر البشير.

وكان الفريق البرهان، قد أصدر قرارات بإحالة عدد كبير من قادة الجيش إلى التقاعد، تلاها بعد ساعات اعتقال اللواء عبدالباقي بكراوي، من منزله ونقله إلى جهة مجهولة، في ملابسات غير واضحة.

وبدت قرارات البرهان كأنها استجابة للضغوط الدولية والإقليمية المطالبة بإبعاد عناصر الحركة الإسلامية من الجيش، بيد أن سياسيين اعتبروها محاولة لإعادة إنتاج مشهد تنحي البشير في أبريل 2019، بصيغة جديدة.

وصرح نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، د. محمد بدر الدين، لـ”دروب” بأن ما جرى كان متوقعاً، بالنظر للصراعات الممرحلة بين تيارات الحزب المحلول (المؤتمر الوطني). موضحاً أن كل تيار كان يسعى للإستقواء بعناصره داخل القوات المسلحة، مرجحاً أن يكون تيار علي كرتي هو الأكثر نفوذاً وقوة داخل المؤسسة العسكرية.

وأضاف بدر الدين أن لقاء سويسرا كان له أثر واضح على قرارات البرهان الأخيرة، ولم يستبعد أن يكون اعتقال “بكراوي” عقب إحالته إلى التقاعد مع آخرين، مرتبطاً بتخطيط المجموعة لمحاولة تغيير ما.

من جهته نصح القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي، وجدي صالح، بعدم المراهنة كثيراً على قرارات البرهان لتحقيق إصلاح جذري داخل الجيش، معتبراً أن هذه القرارات تهدف في الأساس إلى حفظ توازنات القوى داخل المؤسسة العسكرية.

وقال صالح لـ”دروب” إن التطورات الأخيرة يمكن قراءتها في إطار الصراع الداخلي بين الإسلاميين، الذي بات يتخذ أشكالاً أكثر حِدّة داخل المؤتمر الوطني المحلول.

وأضاف “هذه التيارات المؤدلجة، سواء داخل القوات المسلحة أو خارجها، تتفق جميعها على أن العدو الحقيقي ليس قوات الدعم السريع، بل القوى المدنية التي تسعى لإحداث تحول ديمقراطي في السودان”.

وأكد صالح أن هذه التيارات، التي توحدت لاحقاً تحت مسمى (الحراك الشعبي الموحد)، تسعى إلى إدارة خلافاتها الداخلية عبر تقديم تنازلات للبرهان نفسه، وتجنب الدخول في مواجهة مباشرة مع قيادة الجيش حتى لا تُضعف موقعها في المرحلة المقبلة.

وأضاف أنها “لا تزال تراهن على حكم السودان بعد انتهاء الحرب، ولذلك فهي مستعدة للتضحية ببعض القيادات داخل المؤسسة العسكرية أو الوزارات، لكنها لن تتنازل عن وجودها في مؤسسات الدولة المدنية، التي تمثل السلطة الفعلية وأدوات الحكم”.

وشدد وجدي صالح على أن الرهان الحقيقي يكمن في الضغط الجماهيري لإجهاض مخططات الإسلاميين الرامية للعودة إلى السلطة عبر المؤسسة العسكرية. قائلاً إن “الضغط الشعبي هو السبيل لجعل مثل هذه القرارات حقيقية وجوهرية، تدفع نحو وقف الحرب وفتح الطريق أمام عملية تحول مدني ديمقراطي، تتيح للقوى المدنية إدارة شؤون البلاد خلال فترة انتقالية قصيرة، تعقبها انتخابات حرة تنقل البلاد إلى مسار التداول السلمي للسلطة. كما تتيح معالجة جذور النزاعات المتكررة عبر التوافق على دستور دائم يرضى به الشعب”.

وختم صالح بالقول إن تحقيق ذلك يتطلب جهداً كبيراً من القوى المدنية والسياسية، وتقديم رؤيتها بشكل موحّد للشعب السوداني وللمحيطين الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى