غياب الشرعية الدستورية: قراءة في قرار مجلس الأمن والدفاع بشأن الإمارات

عزيز الدودو
في خضم الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها السودان، يبرز قرار مجلس الأمن والدفاع بقطع العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها “دولة عدوان” كقضية تثير تساؤلات جوهرية حول الشرعية الدستورية لهذا القرار وانعكاساته الخطيرة على مصالح الشعب السوداني. فمن الناحية الإجرائية والدستورية، يفتقر هذا المجلس إلى الشرعية اللازمة لإصدار مثل هذا القرار المصيري، بل إن السلطة الانقلابية نفسها بكل هياكلها تفتقر إلى الأساس الدستوري الذي يؤهلها لاتخاذ قرارات تمس مصالح البلاد والعباد بهذا الشكل المتهور.
والأمر لا يقف عند حدود عدم الشرعية فحسب، فمجلس الأمن والدفاع نفسه تم تشكيله دون سند قانوني أو دستوري، مما يجعل قراراته باطلة من الأساس. فحسب الوثيقة الدستورية – التي فقدت صلاحيتها بعد الانقلاب وفض الشراكة – فإن صلاحية اتخاذ القرارات السيادية المتعلقة بالأمن القومي كانت من اختصاص مجلس السيادة، وبالأغلبية. لكن حتى هذه الآلية الدستورية أصبحت لاغية بعد أن قام قائد الانقلاب، الفريق أول البرهان، بتعديل الوثيقة من طرف واحد، في خطوة تعكس الفراغ الدستوري الذي خلفه الانقلاب على الشرعية وانهيار الشراكة السياسية.
ما حدث في بورسودان ليس سوى تصرف صبياني وبلطجة سياسية تُمارس باسم الدولة، بينما هي في حقيقتها اختطاف لمؤسساتها لصالح فئة متطرفة استغلت سلطة الدولة لتنفيذ أجندتها الضيقة وإرضاء نزعاتها الأيديولوجية. فالقرار ليس فقط غير قانوني، بل إنه يزيد من معاناة الشعب السوداني الذي يعاني أصلاً من انهيار اقتصادي كارثي وأزمة إنسانية طاحنة بسبب الحرب المستمرة منذ عامين. فكيف يُعقل أن تزيد السلطة من عزلة السودان في وقت يحتاج فيه إلى جسور التعاون الإقليمي والدولي لإنقاذ ما تبقى من اقتصاده المنهار؟
إن هذا القرار الجائر يثبت مرة أخرى أن السلطة الحالية لا تمثل إرادة الشعب ولا تُدير الدولة بمقومات العقل والحكمة، بل تسير بها نحو مزيد من التدهور والانهيار. والسؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى سيستمر هذا العبث بمصير بلد يعاني شعبه من ويلات الحرب والفقر والتهجير؟ فالشعب السوداني ليس فقط غير قادر على تحمل تبعات هذا القرار، بل هو يرفض أن يُستغل في صراعات سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل. لقد آن الأوان لوقف هذه المهزلة التي تُدار باسم الدولة، بينما هي في الحقيقة إمعان في تدمير ما تبقى من دولة السودان.