إلى جنرالات الدم.. أيهما أكرم؛ الإنسان أم البترول؟

مرتضى أحمد
للتعليق على الإتفاق الثلاثي حول حقل هجليج النفطي؛ نقتبس عنوان المقال المطبوع على ذاكرتي؛ “أيهما أكرم؛ الإنسان أم الطرمبة؟” والذي كتبه أستاذي القدير عبد الله رزق، حول تبرير نظام الكيزان قتل المتظاهرين السلميين خلال انتفاضة سبتمبر 2013؛ فقد قتل يومها جهاز أمن الكيزان ومليشيات الحركة الإسلامية أكثر من 200 شاب في يوم واحد رمياً بالرصاص في شوارع العاصمة الخرطوم، بسبب حرق طرمبة؛ وفق فبركة الكيزان وقتها.
وما أشبه الليلة بالبارحة فقد أبرم قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي؛ ورئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، اتفاق ثلاثي تمكنوا بموجبه من المحافظة على حقل هجليج النفطي ومنشآته من التدمير؛ حسب ما أعلنه قائد قوات دفاع جنوب السودان، الفريق أول ركن بول نانق ماجوك.
يأتي ذلك بعد أكثر من عامين من الحرب المدمرة التي قادوها ضد المواطنين السودانيين في سياق صراعهم على السلطة؛ ليثبت جنرلات الدم البرهان – حميدتي؛ مجدداً أنهم قادرون على حجب الضرر ووقف أصوات البنادق، عندما يتعلق الأمر بمصالحهم المباشرة؛ أو بإيعاز من القوى التي تحركهم في الخارج؛ وهو أمر تجلى في الاتفاق الثلاثي.
الاتفاق الثلاثي حول حقل هجليج النفطي، لم يكن سوى امتداد لاتفاقات وتفاهمات غير معلنة بين جنرالات الدم في الجيش وقوات الدعم السريع تم من وراء حجاب لحفظ مصالحهم وأرواحهم؛ ولعل خروج البرهان من البدروم في القيادة العامة؛ أبرز تلك التفاهمات؛ فقد فاوض وساوم البرهان على سلامته الشخصية، في الوقت الذي كان يطلق فيه العنان لآلته الحربية، لحصد أرواح الأبرياء في بقاع السودان المختلفة، ويرفض المساومة لحفظ حياة السودانيين.
هذا غير “بزنس الحرب الأسود” الذي كان يدور بين الجيش وقوات الدعم السريع، الذي جنى مسلحي الطرفين منه أموالاً طائلة، كتبادل السلع والسجاير والتبغ وإخراج السيارات من المناطق المحاصرة، والسماح بالانسحاب الآمن من عدة مناطق بينها الفاشر وبابنوسة.
لقد تداعى جنرلات الدعم، وأبرموا اتفاقاً سريعاً للمحافظة على حقل النفط في هجليج، وعلى الرغم من ترحيبي بالخطوة لدعمي المطلق لمبدأ التسوية السلمية للنزاع؛ وحفظه ممتلكات شعب دولة جنوب السودان وحقه في التمتع بثرواته، إلا أنه يعكس حقيقة الحرب الحالية وإشعالها بغرض إبادة السودانيين، ومدى رخص أرواحهم في أجندة لوردات الحرب الفاسدين.
فطالما المجرمان البرهان وحميدتي قادران على التفاهم ووقف صوت البندقية بإجراءات سريعة وناجزة مثل التي حدثت في حقل هجليج؛ فلماذا لا يستخدما السلوك نفسه لوقف الإبادة الجماعية لشعب السودان، فأيهما أكرم، الإنسان أم منشآت البترول؟.
مرتضى أحمد _ صحفي سوداني
11 ديسمبر 2025م



