“ترامب وبن سلمان”.. مقاربة مختلفة لوقف الحرب بالسودان

(تقرير) 20 نوفمبر 2025 – توقع محللون سياسيون أن التجاوب السريع من أغلب المكونات السودانية مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يفتح الباب أمام مقاربة مختلفة لحل الأزمة السودانية تبدأ بتوقيع إنسانية تُبنى عليها مراحل وقف الحرب ضمن خارطة الطريق التي طرحتها الآلية الرباعية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن يوم الأربعاء، أنه سيتولى ملف السودان بناءًا على طلب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالتدخل لوقف الحرب التي تعصف بالبلاد لنحو ثلاث سنوات.
وأعادت تصريحات الرئيس الأمريكي، الملف السوداني إلى صدارة الاهتمامين الإقليمي والدولي بعد فترة من الجمود السياسي وتصاعد العمليات العسكرية على المستوى الميداني.
درب الرباعية
توقع المحلل السياسي د. مصعب فضل المرجي، أن تمضي جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على درب الآلية الرباعية لشأن وقف الحرب بالسودان، مبيناً أن الجهود المنتظرة قد تبدأ بهدنة إنسانية بين الكرفين المتحاربين.
وقال المرجي لـ”دروب” إن تصريحات ترامب وما وجدته من ترحيب متزامن من عدة أطراف سودانية، “يعكس إدراكاً متزايداً لدى الأطراف بأن ميزان القوة على الأرض لم يعد يسمح باستمرار الحرب دون خسائر باهظة”.
وأضاف أن مواقف الجيش والدعم السريع “لن تكون متباعدة في المرحلة المقبلة، خصوصاً فيما يتعلق بالدفع نحو هدنة ووقف لإطلاق النار”.
وأشار إلى أن خطوة الرباعية الأخيرة تشير إلى وجود “مسار استراتيجي واضح يهدف لإنهاء الحرب، لا مجرد إدارة تداعياتها”.
وأضاف فضل المرجي أن “ترامب لن يبدأ من الصفر، بل سينطلق من النقطة التي توقفت عندها جهود كبير مستشاريه مسعد بولس، الذي لعب دوراً محورياً في الاتصالات السرية بين الأطراف السودانية خلال الأشهر الماضية”، وفق قوله.
وتوقع أن تكون الخطوة الأولى هي الدفع بهدنة إنسانية تُبنى عليها مراحل أكثر عمقاً ضمن خارطة الطريق التي طرحتها الرباعية.
ولا يستبعد فضل المرجي وجود تفاهمات سابقة “لا بين البرهان وبن سلمان فحسب، بل بين طرفي الصراع نفسيهما”، مشيراً إلى أن الطرفين يسعيان إلى الاستفادة من الزخم الذي أحدثته تصريحات ترامب. لكنه يحذّر من أن “التناقضات داخل كل معسكر قد تعيد الأمور إلى مربع التعقيد”، رغم المؤشرات الإيجابية الأولية.
تنسيق مبكر
من جهته لم يستبعد د. محمد بدر الدين، الأمين العام المكلّف لحزب المؤتمر الشعبي، وجود تنسيق مسبق بين أطراف الأزمة السودانية قبل زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة.
وقال لـ”دروب” إن ترحيب البرهان ومجلس السيادة بتصريحات ترامب “يشي بأن هناك تفاهماً مسبقاً بين البرهان وبن سلمان لتسريع الجهود الهادفة لإنهاء الحرب”.
ويرى بدر الدين أن خارطة الطريق المطروحة من قبل الآلية الرباعية، تمثل الإطار الأكثر قابلية للتوافق الدولي، خاصة بعد انسجام واضح من الجانب السعودي داخل المجموعة.
يشار إلى أنه بعد ساعات من تصريحات ترامب أعلن المستشار الأمريكي الرفيع لشؤون الدول العربية والأفريقية، مسعد بولس، أن بلاده تعمل مع شركائها لتيسير توقيع هدنة إنسانية بين أطراف الصراع العسكري ووضع حدّ للدعم العسكري الخارجي للأطراف، الذي يؤجّج العنف في السودان.
وأوضح أنه “مع تحقيق السلام والاستقرار، سيتمكن الشعب السوداني من العودة إلى حكمٍ تقوده حكومة مدنية في سودان موحّد”. وتابع “الرئيس ترامب يريد السلام ومع وزير الخارجية مايك روبيو نتحرّك الآن.”
دلالات سياسية
من جهته قال الباحث في شؤون شرق أفريقيا والمحلل السياسي، فؤاد عثمان، إن التصريحات الأخيرة للرئيس الامريكي دونالد ترامب تحمل “دلالات سياسية عميقة”، قد تمنح جهود الآلية الرباعية دفعة قوية تقلص تبايناتها الداخلية.
وأضاف في حديثه لـ “دروب” أن “البرهان يواجه وضعاً بالغ الحساسية، بين ضغوط دولية قوية لإنهاء الحرب ومواقف حلفائه الداخليين الدافعة لاستمرارها. ولا يستبعد أن يكون قد طلب من السعودية التواصل مع واشنطن للضغط من أجل تصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية، إضافة إلى وقف الدعم العسكري لها”.
ويرجّح أن تشهد المرحلة المقبلة قدراً من المرونة من جانب البرهان تجاه المبادرات الدولية.
وبينما تعمل الرباعية على تثبيت هدنة أولية تمتد لثلاثة أشهر، تبدو التطورات الأخيرة بمثابة اختبار جدي لمدى استعداد الأطراف السودانية للالتزام بمسار سياسي نهائي.
ولاقت تصريحات ترامب ترحيب متسارع من قائد الجيش خلال تغريدة على منصة “إكس” كما أصدر مجلس السيادة بيانا رحب فيه بالتطورات الجديدة.
وفي المقابل، رحّب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) الذي يقوده عبدالله حمدوك، معتبراً أن التصريحات تعكس عودة الاهتمام الدولي والإقليمي بالملف السوداني، ما قد يعيد فتح مسار سياسي متكامل يشمل هدنة إنسانية ووقفاً لإطلاق النار.



