
تماضر بكرى
في خضم الصراع السياسي المحتدم بين حكومتين تتنازعان الشرعية، يقف معظم الشعب السوداني في المنتصف، لا بصف أحد، بل في صف الحياة. فالمعركة لم تعد بين جنرالات أو تيارات، بل بين واقع يزداد قسوة، ومستقبل يزداد غموضًا.
السودان اليوم لا يواجه فقط أزمة حكم، بل أزمة هوية.
التقسيم لم يعد مجرد احتمال سياسي يُلوّح به في بيانات التفاوض، بل أصبح واقعًا اجتماعيًا وثقافيًا يتجذر في النفوس، ويهدد النسيج الوطني من الداخل.
🖤 الانفصال لم يعد جغرافيا فقط… بل أصبح انفصالًا في الذاكرة، في اللغة، في الانتماء.
من دارفور إلى الشرق، ومن جبال النوبة إلى الخرطوم، تتشكل كيانات محلية تتعامل مع العالم كأنها دول مستقلة، بينما تنهار مؤسسات الدولة المركزية، وتفقد فكرة “الوطن الواحد” معناها الحقيقي.
في ظل هذا التشظي، يبرز سؤال مؤلم:
هل ما زال هناك ما يوحّد السودانيين؟
هل يمكن للثقافة، للتاريخ، للوجدان الجمعي أن يتجاوز هذا الانقسام؟
والجواب ليس بسيطًا، لكنه ليس مستحيلًا.
فالسودان، رغم كل ما مرّ به، يحمل في روحه تنوعًا غنيًا، لا يجب أن يكون سببًا للفرقة، بل مصدرًا للقوة.
التعدد الثقافي ليس لعنة، بل كنز، إذا ما أُدير بحكمة وعدالة.
واذا كنا حريصين علي مصلحة الوطن فما يحتاجه السودان اليوم ليس فقط اتفاقًا سياسيًا، بل مصالحة عميقة مع ذاته.
مصالحة تعترف بالاختلاف، وتحترم التنوع، وتعيد بناء الثقة بين مكونات المجتمع.
اذا لابد للشعب ان يسمع هؤلاء صوتا عاليا مسموعا يهتف….
* كفى عبثًا… الشعب ليس وقودًا لصراعاتكم*
كفى عبثًا بمصير وطنٍ أنهكته الحروب،
كفى استهلاكًا لدماء الأبرياء في معارك لا تعنيهم،
كفى تلاعبًا بالهوية، وبالذاكرة، وبالانتماء.
الشعب السوداني ليس ورقة تفاوض،
ولا بندًا في جدول المصالح،
هو الوطن نفسه… فإما أن يُحترم، أو أن يسقط كل من خانوه ….
—



