تراجع غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار

بورتسودان 23 يوليو 2025 – تراجعت قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار الأمريكي بصورة غير مسبوقة، حيث أصبح الدولار الواحد يساوي 3200 جنيه، بحسب متعاملون في السوق السوداء للعملات.
وقال أحد المتعاملين بالسوق الموازي للعملة طلب حجب اسمه لـ”دروب” إن سعر الصرف كان متأرجحا بين الصعود والهبوط خلال الأسبوعين الماضيين، بيد أن الزيادات بدأت خلال الأيام الماضية بشكل تصاعدي من”2400″ جنيه إلى 2800، ثم وصلت إلى 3000 ألف جنيه قبل أن تستقر يوم أمس الثلاثاء عند 3200.
وأرجع تدهور قيمة الجنيه السوداني إلى الطلب الكبير على الدولار منذ منتصف يوليو الجاري، وتوقع زيادات جديدة في غضون هذا الأسبوع، لأن الطلب ما زال كبيراً، حسب قوله.
ومن المتوقع أن يضع هذا التدهور المواطنين مع اختبارات اقتصادية قاسية، قد تشمل زيادة التضخم، وتراجع القدرة الشرائية، وتدهور مستويات المعيشة، مما يهدد بتوسّع رقعة الفقر في المجتمع السوداني بشكل غير مسبوق، حسب الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي.
وقال فتحي لـ”دروب” إن “وصول الدولار لهذا المستوى القياسي أمام الجنيه، رغم تراجعه عالميًا، يشير إلى أن الأزمة محلية في الأساس، وتنبع من تحديات داخلية”.
وأشار إلى افتقار وزارة المالية وبنك السودان، إلى أدوات سياسة مالية، وسياسات نقدية فعالة للتصدي لهذه التقلبات، سواءً في قدرتها على طباعة النقود لشراء العملة الصعبة أو التدخل المباشر في أسعار الصرف في هذا الظرف الراهن.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن “الحكومة تواجه صعوبات في تحصيل الضرائب، مما يؤثر في قدرتها على تلبية الالتزامات المالية، بعد فقدانها الموارد التي كانت تقلل أثر العجز في النقد الأجنبي بسبب الحرب، مثل القروض والمعونات الأجنبية والودائع من الدول الصديقة، وتحويلات العاملين بالخارج، ورسوم العبور للأجواء السودانية، ورسوم مرور بترول دولة جنوب السودان”.
وتابع “في تقديري أن الحكومة ولسد العجز في موارد النقد الأجنبي عملت على شراء العملة الأجنبية من موارد أخرى لمواجهة استيراد السلع والخدمات الضرورية فاستغل المضاربون وتجار الأزمات السانحة”.
وذكر أن “هناك شريحة واسعة من السودانيين مهددة بالانزلاق تحت خط الفقر، إضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى، وارتفاع حالات الغش التجاري، خصوصًا في سلع حيوية”.
وأضاف أن “الضغوط على الجنيه مرشحة للتصاعد في المرحلة المقبلة، نتيجة عدة عوامل، منها تراجع النشاط الاقتصادي محليًا ومحدودية قدرة الصادرات السودانية على توفير تدفقات دولارية كافية، بجانب ان هجرة ولجوء الكثير من السودانيين يمثل عاملًا إضافيًا في زيادة الطلب على الدولار”.
زيادة أسعار السلع
وتبعاً لتدهور قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار شهدت أسعار السلع الغذائية في ولايتي كسلا والقضارف شرق السوق، زيادات متتابعة منذ الاسبوع الماضي، على رأسها السكر الذي ارتفع سعر الجوال زنة (50) كيلوجرام إلى “175” ألف جنيه بدلاً عن”140″ ألف جنيه بداية الأسبوع الماضي.
وقال التاجر مصطفى ابراهيم لـ”دروب” إن سعر السكر زنة” 50″كيلو زاد ثلاث مرات خلال اسبوع واحد، بينما ارتفعت أسعار سلع أخرى عدا زيت الطعام، وتوقع زيادات جديدة في الأسعار بعد الارتفاع الكبير لسعر الدولار نهار.
من جهته توقع الكاتب الصحفي في صحيفة “ايلاف” الاقتصادية سعد محمد أحمد، استمرار تدهور قيمة الجنية السوداني مقابل الدولار في ظل استمرار الحرب وعدم وجود أفق لحل قريب، مما قد يؤدي إلى كارثة اقتصادية سيكون من الصعوبة ايجاد معالجات لها.
وأضاف في حديثه لـ”دروب” أن “تداعيات تراجع الجنيه بهذا الشكل ستكون وخيمة على السودانيين الذين فقدوا مصادر الدخل جراء الحرب واستمرارها لأكثر من عامين”.
ويغرق السودان منذ أكثر من عامين في حرب أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دمرت قدراً كبيراً من البنية التحتية خصوصاً المنشآت النفطية في الخرطوم وبورتسودان.