تقارير

معركة ناعمة في سودان مضطرب.. ماذا يجري بنيروبي؟

دروب – 19 فبراير 2025 – بعد عامين من الحرب الضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، أصبح السودان على موعد مع معركة ناعمة يدور رحاها في ملعب سياسي بعيداً عن ميادين القتال المعروفة، وهو ما تترجمه تحركات قوى سودانية رامية إلى تشكيل حكومة موازية لتلك التي في بورتسودان.

من العاصمة الكينية نيروبي، تتشكل ملامح تحول في المشهد السياسي، إذ تجتمع قوى مدنية وحركات مسلحة متحالفة مع قوات الدعم السريع، كان لافتاً أن من بينها الحركة الشعبية – شمال قيادة عبد العزيز الحلو، كما تردد أن حركة جيش تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور تدعم هذه الترتيبات.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب جمود في مسار الحل السلمي للصراع المسلح، حيث شهد تحالف القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” الذي كان يقوده رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك خلافات حادة بشأن تشكيل حكومة موازية، فذهبت مجموعة الحركات المسلحة وبعض القوى المدنية إلى نيروبي، وشكل حمدوك تكتل جديد تحت مسمى “صمود” ويضم حزبي المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي، وحزب الأمة القومي رافض للسلطة الموازية.

يضم تحالف الحكومة الموازية، والذي عقد الجلسة الافتتاحية لمؤتمره في نيروبي الثلاثاء، قوى سياسية وحركات مسلحة ورجال إدارة أهلية وقوات الدعم السريع أبرزهم نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، ورئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، ورئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، والأمين السياسي للحزب الاتحادي الأصل، إبراهيم الميرغني، نيابة عن محمد الحسن الميرغني.

ويسعى هذا التحالف إلى توقيع ميثاق تأسيسي لـ “حكومة السلام”، والذي يرمي إلى تشكل سلطة موازية للحكومة القائمة في بورتسودان. ويؤكد التحالف الجديد، الذي يضم أحزاباً سياسية وحركات مسلحة ومنظمات مجتمع مدني، وإدارات أهلية، بجانب قوات الدعم السريع، على أنه معني بوحدة السودان وتحقيق السلام، ويسعى لإثبات عدم شرعية حكومة بورتسودان التي يقودها الجيش.

تأجيل التوقيع

خلال الاستعدادات للتوقيع التي جرت في قاعة كنياتا الدولية للمؤتمرات، وفي الجلسة الافتتاحية الأولى، أعلن فضل الله برمة ناصر عن تأجيل التوقيع على الميثاق إلى يوم 21 من الشهر الجاري لإجراء مزيد من المشاورات بعد طلب من رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال عبد العزيز الحلو، ليتمكن عدد من قادة حركته حضور التوقيع، وكذلك مشاركة حركة جيش تحرير السودان – عبد الواحد محمد نور.

كما أعلنت قوات الدعم السريع عن استعدادها للتعاون مع حكومة جديدة مزمع تشكيلها، ستتولى الإشراف على المناطق الخاضعة إلى سيطرتها.

وكانت مجموعة من القيادات في تنسيقية “تقدم” أكدت في وقت سابق مشاركتها في الحكومة الجديدة، ومن بين هؤلاء الأعضاء في المجلس السيادي السابق: محمد التعايشي، الهادي إدريس، والطاهر حجر، بالإضافة إلى رئيس اللجنة القانونية في تنسيقية “تقدم”، أسامة سعيد.

خطاب الحلو

شهدت الجلسة الافتتاحية حضوراً لافتاً لرئيس الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو، الذي ألقى الكلمة الرئيسية، معتبراً إياهاً “مناسبة سياسية بالغة الأهمية في تاريخ السودان ومحطة في مسيرة البحث عن السلام الدائم”. وأكد الحلو على أهمية هذه الفعالية لكونها “مبادرة سودانية بحتة، لا تتدخل فيها أطراف دولية، وهدفها الأساسي هو تحقيق السلام المنشود بين أبناء الوطن”.

وأشار قائد الحركة الشعبية إلى أن الحرب في السودان مستمرة منذ 70 عاما، إلا أن حرب 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي انتقلت من الأطراف إلى قلب البلاد، قد لفتت أنظار الجميع إلى حجم المشكلة وعمقها.

وأوضح الحلو أن “الحرب في السودان هي نتيجة طبيعية للصراع المزمن بين المركز والهامش، حيث يستأثر المركز بالسلطة والنفوذ والامتيازات، بينما يعاني الهامش من التهميش والإقصاء والحرمان”، واتهم الحلو الحكومة بإنكار وجود مجاعة في السودان وعدم إحساسها بمعاناة المواطنين.

وأضاف رئيس الحركة الشعبية عبد العزيز: “عندما حملت الحركات المسلحة في دارفور السلاح للمطالبة بالسلطة والثروة، تم تصنيفها كأعداء للعروبة وخارجين عن طاعة الحاكم المسلم”.

وتابع قائلا: “عندما حمل الرفيق حميدتي السلاح لنفس المطالب، كشف زيف هذه التصنيفات، وأظهر حقيقة الصراع، حيث جرد المركز من كل أوراقه التي يستخدمها في تهميش الآخرين مهما كانوا”، وزاد: “لقد جرد الرفيق حميدتي المركز من كل أسلحته، ونادى بالمساواة والعدالة”.

وأكد عبد العزيز الحلو على ضرورة إزالة “الحواجز السميكة” التي أقامها المركز منذ عام 1956 بين مختلف مكونات الشعب السوداني. ودعا إلى بناء دولة جديدة، تقوم على أسس مختلفة تماماً عن “السودان القديم” الذي يعاني التفرقة والكراهية والفساد.

وشدد الحلو على أنهم وضعوا “القدم على الطريق الصحيح” لتحقيق التحول الديمقراطي والسلام الدائم والتنمية، مؤكداً أن الدولة الجديدة التي يتطلعون إليها ستكون خادمة للشعب، وأن السلطة لن تكون وسيلة للحصول على الثروة والامتيازات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى