تقارير

“قطوعات الكهرباء”.. الوجه الأكثر ظلاماً لحرب السودان

دروب 12 يونيو 2025 – تعيش معظم المدن السودانية تحت وطأة الظلام حيث ينقطع التيار الكهربائي لأكثر من 12 ساعة خلال اليوم، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، مما خلق معاناة كبيرة للمواطنين، وأحدث شللاً في حياتهم، خاصة فيما يتصل بتخزين الأدوية وحفظ الطعام والحصول على مياه الشرب.

من محلية جنوب ولاية الجزيرة وسط السودان، يروي المواطن فاروق عامر قصة حرب أخرى يواجهونها بعد أشهر قليلة من توقف أصوات البنادق في منطقتهم، وهي استمرار انقطاع التيار الكهربائي الذي يمثل شريان حياة بالنسبة لهم، لارتباطه بالزراعة ومياه الشرب والحياة اليومية.

ويقول عامر لـ”دروب” إن انقطاع الكهرباء تسبب في مضاعفة أسعار طحين الذرة، والخبز لأن المخابز والطواحين تعمل بالطاقة، ولجأ أصحابها إلى الغاز والوقود؛ مما زاد تكلفة التشغيل، بينما اضطر السكان البعيدون نسبياً عن مجرى النيل، إلى حفر باطن الأرض داخل الأحياء بغرض الحصول على مياه الشرب، ومع ذلك يستخرجون مياهاً ملوثة.

ويواصل التيار الكهربائي التدهور منذ أبريل الماضي، بعد ضرب طائرات مسيرة إحدى المحطات التحويلية في سد مروي شمالي السودان، وهو أكبر مصدر طاقة كهربائية من التوليد المائي في البلاد، وتُتهم قوات الدعم السريع بإطلاقها.

وبعد ذلك توالت الهجمات الجوية بالطائرات المسيرة على المنشآت الخدمية والعسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش في شمال وشرق ووسط السودان، إذ قُصفت محطات الكهرباء في عطبرة والشواك وأمدرمان وأم دباكر في ولاية النيل الأبيض، مما قاد إلى تدهور مريع في الإمداد الكهربائي.

إتلاف الشبكات

وإلى جانب المشكلة العامة، تسببت الحرب في إتلاف شبكات الربط الكهربائي في ولايتي الجزيرة وسنار ومعظم أنحاء العاصمة الخرطوم، بالإضافة إلى تعرض المحولات الكهربائية إلى إتلاف بغرض نهب معدن النحاس الذي بداخلها، وفق السلطات المعنية في السودان.

ويقول المواطن في محلية جنوب الجزيرة فاروق عامر لـ”دروب” إن “التيار الكهربائي يأتي لساعتين أو ثلاثة، ويختفي مجدداً لأسابيع وشهور، مما أثر في حياة المواطنين، وزاد الأعباء الاقتصادية عليهم، إذ يضطرون الطهي في كل وجبة والتخلص من متبقي الطعام؛ نظرا لعدم تشغيل الثلاجات”.

ويعاني مرضى السكري والضغط كثيرا في حفظ الأدوية الخاصة بهم، لا سيما جرعات الأنسولين المعرضة للتلف السريع في ظل ارتفاع درجات الحرارة، فالوضع مزر ولا يقل مأساة عن واقع الحرب الذي كانوا يعيشونه، وفق فاروق.

وقال مصدر في الكهرباء لـ”دروب” إن جميع محطات الكهرباء في ولاية الجزيرة وعددها 27 محطة تعرضت للتخريب بواسطة عناصر قوات الدعم السريع، من خلال نهب الزيوت والكوابل النحاسية، وأجهزة الحواسيب والأثاثات.

وشدد أن الخسائر كبيرة في قطاع الكهرباء في ولاية الجزيرة، ومع ذلك يعمل المهندسون والفنيون بجهد لتشغيلها، وستدخل قريباً كل المحطات التي لم تتلف بشكل كامل، إلى الخدمة.

 

تأثر الخدمات

وفي أمدرمان تسبب انقطاع التيار الكهربائي في المعاناة نفسها للسكان مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى صعوبة في الوصول إلى مياه الشرب، وأثر في الخدمات العلاجية، وذلك بحسب ما نقله المواطن أحمد مصطفى لـ”دروب”.

وقال مصطفى “ينقطع التيار الكهربائي لمدة 12 ساعة وأحيانا 18 متواصلة، مما أثر في إمداد مياه الشرب والخدمات المعيشية مثل الخبز الذي تضاعفت أسعاره نتيجة إلى لجوء أصحاب المخابز للعمل بالمولدات الكهربائية ما أدى إلى ارتفاع سعر الوقود”.

ويضيف “سبب التدهور هو تعرض ثلاث محطات رئيسية للكهرباء في أمدرمان هي المهدية، المرخيات، ود البخيت، بالطائرات المسيرة، ونتيجة لذلك نعيش تحت معاناة كبيرة خاصة الأطفال وكبار السن فهم لا يحتملون حرارة الطقس”.

ويشير إلى أن السلطات الصحية وفرت مولدات كهربائية تعمل بالوقود لتشغيل المستشفيات الرئيسية؛ مما أدى إلى استقرار نسبي في الخدمات العلاجية كما انخفض معدل الإصابة بالكوليرا.

وكانت مدينة أمدرمان من أكثر المناطق السودانية التي تأثرت بالكوليرا خلال شهر مايو الماضية، وسط تقارير طبية تتحدث عن وفاة أكثر من 1000 شخص جراء الوباء الذي كان سببه على الأرجح شرب مياه ملوثة.

80 الف للوح الثلج

ومن كسلا، يروى محمد أحمد وهو اسم مستعار لمتطوع في غرف الطوارئ لـ”دروب” واقع قاس يعيشه السكان مع قطوعات التيار الكهربائي، والذي أدى إلى شلل تام في الحياة العامة.

وقال “لمدة شهرين كاملين يعمل التيار الكهربائي لمدة 3 – 4 ساعات فقط، ويواصل الانقطاع باقي اليوم، لكن منذ يومين ماضيين شهد تحسناَ حيث صار مستقراً لمدة 16 ساعة”.

ويضيف “خلال الفترة الماضية عانينا كثيرا خاصة مع مياه الشرب، كما ارتفعت أسعار الثلج الذي وصل 80 الف جنيه للوح الواحد، وينطق الأمر على مدينة القضارف، ويعود السبب إلى ضرب محطة الشواك الكهربائية بطائرة مسيرة”.

وينقطع التيار الكهربائي في كل مدن ولايتي نهر النيل والشمالية شمالي السودان، لمدة تصل 16 ساعة في اليوم، مما أدى إلى تدهور في الخدمات ومعاناة كبيرة للسكان في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وذلك بحسب مواطنين تحثوا لمراسل “دروب”.

ويبدو الوضع في مدينة بورتسودان شرقي البلاد، أفضل قليلاً نظرا لوجود البارجة التركية على البحر الأحمر التي تدعم الإمداد الكهربائي في المدينة، حيث ينقطع التيار عن الأسواق والمناطق المحيطة بها لنحو 6 ساعات في اليوم، بينما يقطع في الأحياء السكنية لمدة 3 ساعات في اليوم، وفق مصدر محلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى