تقارير

خريطة طريق للتفاوض.. هل حان وقت إنهاء الحرب بالسودان؟

دروب – 20 مايو 2025 – أعلنت قوات الدعم السريع وقوى سياسية متحالفة معها، رفضها لخريطة الطريق التي أعلنت عنها الحكومة السودانية برئاسة قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، لوقف الحرب بالسودان.

وكان عضو مجلس السيادة، الفريق إبراهيم جابر، أعلن أمام القمة العربية بالعاصمة العراقية بغداد، يوم السبت الماضي، لأول مرة عن خريطة طريق قُدمت في وقت سابق للأمم المتحدة والوسطاء بشأن التفاوض مع قوات الدعم السريع لوقف الحرب.

بينما أعلن إبراهيم جابر التزام الحكومة السودانية بتنفيذ خريطة الطريق، أكد مسؤول بقوات الدعم السريع وقيادات في تحالف “تأسيس” لـ”دروب” أن ما أعلنه الجيش غير ملزم لهم، وأن العودة إلى منبر جدة بالمعطيات القديمة أصبحت غير ممكنة في ظل متغيرات سياسية وعسكرية.

تشمل خريطة الطريق التي نشرتها “دروب” في وقت سابق “وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الدعم من كل المناطق والمدن، ورفع الحصار عن مدينة الفاشر، وعودة النازحين واللاجئين، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، واستئناف العملية السياسية الانتقالية وإدارة حوار سوداني سوداني شامل يؤسس للوصول إلى الانتخابات”.

كانت قوات الدعم السريع قد انسحبت في نوفمبر العام الماضي من ولاية سنار جنوب شرق البلاد، بعد معارك مع الجيش السوداني، ثم أعقبه انسحاب في يناير الماضي من ولاية الجزيرة، واكتملت الانسحابات في أواخر مارس من كامل ولاية الخرطوم عدا جيوب في غرب وجنوب مدينة أمدرمان.

واليوم الثلاثاء، أعلن الجيش السوداني عن السيطرة الكاملة على ولاية الخرطوم، بعد طرد قوات الدعم السريع من آخر معاقلها بمنطقة الصالحة جنوبي مدينة أم درمان، وأمبدة في الغرب.

غير ملزمة

قال عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، في مقابلة مع “دروب” إن “خريطة الطريق غير ملزمة لهم”، واصفا الحكومة الموجودة في بورتسودان بأنها سلطة أمر واقع فرضت نفسها بعد انقلابها على الشرعية.

وأضاف “منذ بداية الحرب ذهبنا لكل منابر الحوار بدءًا من جدة الأولى والثانية ومبادرة الهيئة الحكومية للتنمية “الايغاد” والمنامة وجنيف، والجيش كان هو الطرف الممانع”.

وأضاف عبدالله، أنه “لم تطرح لهم حتى الآن أي وساطة لايقاف الحرب ولا يوجد تواصل بين قوات الدعم السريع وقادة الجيش”.

وتابع “الحديث الآن للبندقية فقط كما قال البرهان وهو الصوت السائد في الساحة لا نرى شيء غير البندقية والغلبة للأقوى إلى أن يظهر العكس”.

وشدد على أن حكومة تأسيس المزمع تشكيلها أصبحت “أمر واقع” وأن القوى المكونة للتحالف شركاء أساسيين في الحكومة الجديدة وسيكونون جزء من أي عملية سياسية مقبلة.

مرجعية وحيدة

من جانبه، أوضح الصادق علي النور، المتحدث باسم حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أن منبر جدة يظل المرجعية الوحيدة لأي حوار بين الفرقاء السودانيين.

وقال في تصريح لـ”دروب” إن الرؤية التي أرسلتها الحكومة السودانية إلى الأمم المتحدة تتمثل في بنود اتفاقية جده في 11 مايو 2023، الذي حدد شروط واضحة من طرف الحكومة لبدء أي حوار مع قوات الدعم السريع ولكنها رفضت ان تلتزم بها.

وذكر أن “موقف حركة جيش تحرير السودان ثابت تجاه اتفاقية جدة، والآن موقفنا ازداد تمسكا بها، بل ماضون في الحسم العسكري لتحرير أي شبر من أرض السودان، والعودة إليه مجدية إذا وافقت الدعم السريع بها حرفيا دون أي نقصان”.

معطيات جديدة

بدوره رأي نمر عبد الرحمن، القيادي بحركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي، المتحالفة مع “الدعم السريع” أن العودة إلى منبر جدة أصبحت غير ممكنة بالمعطيات العسكرية والإنسانية وحتى السياسية نفسها.

وقال في تصريح لـ “دروب” لا أعتقد أن العودة لمنبر جدة مفيدة إلا إذا كانت بداية جديدة بإعلان مبادئ جديدة عكس المبادئ القديمة التي جرى الاتفاق عليها في 11 مايو 2023، لكن الآن هناك متغيرات كثيرة، أهمها تشكيل تحالف “تأسيس” ولا أعتقد أن المفاوضات ستنجح بطريقتها القديمة التي كانت تحدث بين الجيش و”الدعم السريع”.

وشدد نمر على أن العودة لأي مفاوضات بالطريقة التقليدية دون استصحاب الواقع الجديد لن تحقق وقف اطلاق النار ولو لأغراض انسانية في الظروف الحالية.

في السياق أعلن المتحدث باسم تجمع قوى تحرير السودان، فتحي محمد، رفضه القاطع لما يُسمى بـ”خريطة الطريق” التي أعلنتها الحكومة في بورتسودان.

واعتبر في تصريح لـ “دروب” أن خريطة الطريق بمثابة “محاولة أحادية الجانب لتكريس سلطة غير شرعية تفتقر إلى التمثيل الحقيقي للتنوع السياسي والاجتماعي في السودان وتمثل تنظيم الأخوان المسلمين ومشروعهم الإرهابي المعادي لشعوبنا”.

وشدد على أن تأييد أي جهة سواء كانت إقليمية أو دولية لهذه الخارطة بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، يُعد انحيازاً واضحا يُقوض مصداقية المنظمة كوسيط محايد في الأزمة السودانية ويمثل انتهاك وقفز على القوانين والنظم التي تجرم الانقلابات العسكرية.

أسس جديدة

وأضاف فتحي، أن “منبر جدة، بصيغته السابقة، لم يعد مناسبا لحل الأزمة السودانية وحتى الإعلان الذي صدر عنه في مايو 2023 كان متعلقا بالمسائل والالتزامات الإنسانية وحماية المدنيين”، موضحاً أن “التجربة أثبتت أن المنبر يفتقر إلى الشمولية للأطراف الفاعلة في الساحة السودانية”.

وأكد على ضرورة إعادة هيكلة المنبر على أسس جديدة تأخذ في الاعتبار المتغيرات السياسية والعسكرية، خاصة بعد تشكيل تحالف “تأسيس” الذي يضم قوى سياسية ومدنية وعسكرية تمثل طيفا واسعا من المجتمعات السودانية بالإضافة إلى أن الحرب نفسها قد شهدت تغيرات كبيرة والقضية أصبحت أكبر من طرفين متحاربين بل هناك قضايا تأسيسية يحتاج السودانيون التعامل معها.

وأشار فتحي، إلى أن أي تحرك سياسي أو تفاوضي، سواء كان من قبل قوات الدعم السريع أو غيرها من الأطراف، يجب أن يتم بالتنسيق الكامل مع تحالف تأسيس.

وتابع “وقد نمضي إلى أن أي تفاوض مستقبلا سيكون تحت مظلة تحالف السودان التأسيسي الذي يمثل إطارا سياسيا موحدا يضم قوى سياسية ومدنية وعسكرية، بما في ذلك الدعم السريع، ويهدف إلى تحقيق السلام العادل والتحول الديمقراطي في السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى