أصدقاء دروب

الرهان علي جواد القاهرة “خاسر”؟!

“نيروبي” بلغة “الماساي”، هي نبع “المياه الباردة”، بيد أني أستطيع أن أصفها بأنها مدينة “الأعصاب الباردة” كذلك.

من واقع أن نيروبي تقابل الآن ببرود تام وهدوء مدهش، زفرات حري من الهواء الساخن، ظلت تنفثها نحوها عواصم تبدو وكأنها قد فقدت هي الأخري أعصابها هذه الأيام.

علي رأس هذه العواصم القاهرة، فضلا عن بورتسودان بالطبع.

هو هواء ساخن بلغ درجة توعد نيروبي ذاتها بالويل والثبور وعظائم الأمور، لو أنها لم تغلق أبوابها وقاعاتها أمام من يعملون علي ميلاد “الجمهورية الثانية”، من خلال تشكيل حكومة تهدف لبسط السلام، وللحفاظ علي وحدة البلاد، في اطار مشروع سودان جديد موحد، سيأتي في النهاية مختلف عن سابقه في كل شيء تماما.

هنا تهدد الباحثة المصرية د. أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية كينيا مباشرة بقولها: “ستدفع كينيا ثمنا باهظا من أمنها الداخلي لما تفعله بالسودان”.

قبل أن تحث الجامعة العربية والاتحاد الافريقي بالتحرك ضد ما أسمته بالسلوك الكيني، الذي إعتبرت أنه يتعارض مع ميثاق المنظمتين.

هذا التلويح بالحاق أذي باهظ بكينيا، يأتي من مصر رغم توقيع الرئيس وليم روتو نهاية الشهر الماضي (12) مذكرة تفاهم مع القاهرة لم يجف حبرها بعد، ورغم تعهد الرئيس الكيني ببناء شراكة استراتيجية وشاملة مع مصر نفسها.

علي أية حال يبدو من مؤشرات تهديدات أماني الطويل ان القاهرة علي استعداد لأن تضرب بمشروع الشراكة مع كينيا عرض الحائط، في سبيل الحفاظ علي مصالحها الأكبر بالسودان، من خلال عملها الدؤوب لإبقاء رعاة مصالحها علي سدة حكم السودان، مهما كلفها ذلك من ثمن.

لكن هيهات، فقد بدا أن الرهان علي هذا الجواد المصري العليل والمنهك، هو في هذه القارة رهان علي جواد خاسر.

فالقاهرة التي نهض “سد النهضة” رغم انفها، وابرمت دول أفريقية علي كره منها “اتفاقية عنتيبي” لدول حوض النيل.

فإن مصر التي عجزت عن حماية مصالحها الذاتية في القارة، لهي أعجز بكل تأكيد عن تأمين مصالح عسكر سلطة الإخوان المسلمين بالسودان.

فمن جرب مصر المجرب فشلها في الصومال، ستحيق به في السودان أيضا الندامة لا محالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى