تضليل إعلامي ومحاولة تبرئة الإسلاميين من مسؤولية إشعال الحرب

عزيز الدودو
من الواضح أن أنصار النظام السابق، الذين استُبعدوا من المشاركة في السلطة الانتقالية بموجب مسودة الاتفاق الإطاري المصممة خصيصًا لإضعاف التنظيم الإسلامي داخل مؤسسات الدولة، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، هم من بدأوا هذا الصراع.
فالرؤية جلية لمن إلتبس عليه الأمر؛ الطرف المستفيد من الحرب هو من يفترض أن يكون مُشعل فتيلها، وهذا ينطبق على فلول النظام البائد الذين تم تهميشهم ويُلاحقون قضائيًا لارتكابهم جرائم خلال فترة حكمهم المظلمة منذ انقلابهم المشؤوم في الثلاثين من يونيو عام 1989.
وعلى عكس ما يروج له بعض الإعلاميين أو المنتفعين من النظام السابق، الذين يتهمون قوات الدعم السريع ببدء الحرب في 15 أبريل 2023، فإن هذا الاتهام باطل. فالدعم السريع ليس له أي مصلحة في الحرب، كونه شريكًا في السلطة المنبثقة عن الاتفاق الإطاري. من غير المنطقي أن يُقدم حميدتي على التضحية بمكاسب الاتفاق الإطاري ويراهن على حرب مدمرة ومكلفة ماديًا وبشريًا لقواته، التي تعتبر فصيلًا مسلحًا يفتقر إلى المقومات العسكرية الكافية والحاضنة السياسية لحسم المعركة وتولي مسؤولية السلطة في السودان في ظل الاضطرابات السياسية والإنهيار الاقتصادي الذي أحدث شللا مدمرا لخلايا لدولة السودانية على كافة الأصعدة.
إن هذا الاتهام الذي يطلقه إعلام الحركة الإسلامية ليس سوى تضليل إعلامي يهدف إلى تبرئة الإسلاميين من مسؤولية الحرب والانتهاكات البشعة المستمرة في جميع أنحاء السودان، وتدمير البنية التحتية والخدمية وتشريد الملايين من المواطنين كنازحين ولاجئين.
هذا الوضع المتردي يستوجب تحميل المسؤولية لأحد الأطراف. وبما أن أنصار النظام البائد يمتلكون الخبرة والوسائل للتأثير في الرأي العام، فمن الطبيعي أن يسعوا لتوجيهه بما يخدم مصالحهم وأهدافهم، وهذا ما حدث بالفعل. ومثال على ذلك، جريمة فض الاعتصام التي شاركت فيها جميع الأطراف، بما في ذلك النائب العام، وفقًا لشهادة الفريق شمس الدين الكباشي، المتحدث الرسمي باسم اللجنة السياسية للقوات المسلحة، الذي أكد أن قرار فض الاعتصام صدر في اجتماع موسع ضم جميع قيادات الأجهزة النظامية من جيش وشرطة ومخابرات ودعم سريع بالإضافة إلى النائب العام، وقد صدر القرار بالإجماع وأُصدرت التعليمات بفض الاعتصام، وحدث بعد ذلك ما حدث. ورغم هذا الاعتراف الصريح، تم توجيه الاتهام مباشرة إلى الدعم السريع وتجاهل بقية الأطراف المشاركة بفاعلية في تلك الجريمة البشعة.
هذا السرد المطول ما هو إلا دليل بسيط على قدرة أنصار النظام البائد على قلب الحقائق وتوظيفها لصالحهم سلبًا أو إيجابًا.
ختامًا، نؤكد أننا لسنا بصدد الخوض فيمن بدأ الحرب أو أي أمر آخر، لأن الحرب قد إندلعت بالفعل، وتوسعت وخرجت عن السيطرة.
فواجبنا الآن هو البحث عن وسيلة لإيقافها بغض النظر عن الطرف البادئ، لأن الأولوية القصوى هي وقف هذا الدمار والاقتتال فورًا وإنقاذ ما تبقى من السودان.
“لا للحرب” هي دعوتنا لوقف نزيف الدماء والإنتهاكات الخطيرة التي باتت تهدد حياة الناس وتدمر النسيج الاجتماعي لأهل السودان.