حقائق

“ضروبنا ونهبونا”.. ناجون يروون قصص الهروب من مخيم زمزم بدارفور

الفاشر – 22 أبريل 2025 – وصلت سعدية جمعة مع أطفالها الثلاثة، إلى منطقة “طويلة” بعد فرارها من مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور، الذي اجتاحته قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي، بينما لا تعرف مصير زوجها وابنها الأكبر اللذان كانا خارج المنزل لحظة الهجوم على المخيم.

قالت سعدية إنها وصلت إلى محلية طويلة التي تبعد نحو (60) كيلو مترا من مخيم زمزم مع أطفالها الذين أنجبتهم بمخيم “زمزم” للنازحين، في وضع صعب بحسب وصفها، حيث يفتقرون إلى الطعام ومياه الشرب ويعانون من الإرهاق.

وأشارت في قولها لـ”دروب” إلى أنها فرت مع أطفالها من المخيم سيرا على الأقدام وعندما اقتربوا من “طويلة” استغلوا عربات تجرها الدواب أوصلتهم إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة حركة جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور.

وأضافت “وصلنا إلى طويلة في وضع مزري جدا لا نقوى حتى على المشي بسبب الجوع والتعب، الآن ليس لدينا شيئاً نأكله”.

وأشارت سعدية إلى أنها فرت مع أطفالها الثلاثة عند الهجوم الثاني لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم بعد أن تكاثفت عليهم النيران، ولا تعرف حتى الآن ما مصير زوجها وابنها الأكبر اللذان خرجا إلى السوق في تلك الأوقات.

وأضافت أنها “فقدت التواصل أيضاً مع شقيقتها وأولادها وثلاثة من بنات عمها، ولا تعرف الآن ان كانوا أحياء أو أموات”.

أوضاع مأساوية

أعلنت السلطة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة جيش تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد محمد نور، لـ”دروب عن استقبال أكثر من 3 مليون و279 نازح فروا من مدينة الفاشر و”زمزم وأبوشوك” وما حول المدينة.

أغلب هؤلاء النازحون استقروا في محلية طويلة بعد فرارهم من مخيمي “زمزم وأبو شوك” ومدينة الفاشر وقراها، نتيجة تصاعد الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع في مسعاها للسيطرة على مدينة الفاشر.

قال رئيس السلطة المدنية بمناطق سيطرة حركة جيش تحرير السودان، مجيب الرحمن الزبير، في تصريح لـ”دروب” يوم الاثنين، إنهم يستقبلون على رأس كل ساعة نحو 200 إلى 300 نازح، موضحاً أن “الاوضاع مأساوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حيث يصل النازحين وأياديهم خالية من أي شيء”، وفق قوله.

وأكد الزبير، وقوع وفيات كثيرة وسط النازحين بسبب الجوع والعطش والإرهاق وقُطاع الطرق، كما تعرضت كثير من الفتيات للاغتصاب، مشيرًا إلى انفصال عدد من الأطفال عن عائلاتهم.

ونوه أيضاً إلى وجود مرضى ومصابين وسط النازحين معظمهم من كبار السن والنساء والأطفال، وأضاف “لم تتوافد أرقام بهذا العدد من قبل، حيث تنذر حالتهم بحدوث كارثة إنسانية”.

ودعا المسؤول في سلطة حركة تحرير السودان، المجتمع الدولي لإنقاذ الفارين من “جحيم الحرب المنسية” في زمزم والفاشر، إذ يعانون من نقص حاد في مواد الايواء والدواء، مبديا مخاوفه من تعرضهم لأمراض في ظل الجلوس تحت الشمس لأوقات طويلة.

قتل على الهوية

من جهته قال ناجي آخر من مخيم زمزم للنازحين طلب عدم الكشف عن هويته، إنه شاهد أثناء هروبه من المخيم أعداد كثيرة من الجثث ملقية على الطرقات، مضيفاً أن “بعضهم قتل بالرصاص أثناء اقتحام قوات الدعم السريع للمخيم لكن معظمهم تمت تصفيتهم بشكل مباشر على أساس عرقي خصوصا الرجال”.

وأضاف الناجي الذي طلب حجب اسمه لـ”دروب” أن “قوات الدعم السريع بعد أن اقتحمت المخيم دخلت إلى منازل المواطنين للبحث عن الرجال والسلاح، وعندما لم يجدوا ما يبحثون عنه ضربونا ونهبوا كل ما نملك ومنعونا من حمل أي شيء أثناء خروجنا”.

بدوره قال المتحدث باسم مخيم زمزم، محمد خميس دودة، إن قوات الدعم السريع، ما زالت تمارس الانتهاكات ضد النازحين الفارين من “زمزم” والعالقين بداخله وتمنعهم من المغادرة.

ووصف دودة في تصريح لـ”دروب” الأوضاع الإنسانية هناك بأنها “متردية بشدة وكارثية”. وأضاف أنه “لا توجد أرقام دقيقة بشأن الضحايا لكن الرصد جاري لحصر عدد القتلى والجرحى”.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق عن مقتل أكثر من 400 شخص على الأقل منذ هجوم “الدعم السريع” على مخيم زمزم.

لجان تحقيق دولية

عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، إبراهيم مخير، قال لـ”دروب” إن قواتهم سيطرت على مخيم زمزم، بعد أن اتخذته حركتي “تحرير السودان، والعدل والمساواة” ثكنة عسكرية.

وأضاف أن “مخيم زمزم اليوم خاليًا من المقاتلين الذين كانوا يحتمون بالمدنيين لإثارة نقمة المجتمع الدولي على الدعم السريع، وأن الباب مفتوحًا لأي لجان تحقيق دولية لإثبات عكس ذلك”، حسب قوله.

وأوضح أن القوات المشتركة لتحالف “تأسيس”، تقوم هذه الأيام بعمليات عسكرية مختلفة تهدف إلى وقف الحرب عبر تحرير الفاشر، وتعمل في ذات الوقت على إخلاء المدنيين من المدينة والمناطق المحيطة بها حتى لا يتأثروا بالعمليات الحربية، وفق قوله.

واتهم مخير، الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه، بإستخدام المدنيين دروعاً بشرية في مخيم زمزم ومدينة الفاشر، مؤكداً “وجود أدلة وشهادات بأن قيادة الجيش تعمدت في بعض الحالات قصف المدنيين واتهام الدعم السريع بالأمر”.

وقال مخير، إن “الحرب سوف تنتهي تماما في دارفور خلال أيام قليلة، بعد ان تنضم الفاشر إلى الأراضي المحررة من الحكم السابق”، بحسب تعبيره.

نداءات لوقف الكارثة

أطلقت منظمة مناصرة ضحايا دارفور، نداءً إنسانيًا عاجلًا لوقف ما وصفتها بـ”الكارثة الإنسانية” التي تهدد حياة آلاف المدنيين الذين فرّوا من مدينة الفاشر والمناطق المحيطة.

وذكرت في بيان تلقته “دروب” أنه منذ 16 أبريل الحالي شهدت وحدة “كرو” الإدارية ومخيم “سلك” موجة نزوح جماعي بدأت بوصول 40 أسرة فقط، قبل أن تتوالى قوافل النزوح عبر الشاحنات من قرى منكوبة مثل “جرنة، ودونكي كشطة، والشجرة”، وأجزاء من ضواحي الفاشر.

وبلغ عدد الأسر النازحة حتى يوم الأحد الماضي نحو 500 أسرة، أي ما يقارب 70,000 نازح، أغلبيتهم من النساء والأطفال وكبار السن، يعيشون جميعًا في العراء دون مأوى، أو غذاء، أو رعاية صحية، أو حتى مياه شرب نقية، وفقا للبيان.

وأكد البيان ظهور حالات حادة من سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة، وسط غياب للبنية الصحية اللازمة أو الكوادر الطبية المتخصصة.

وذكر أن الوضع في مخيم “سلك” تجاوز مرحلة الإنذار المبكر، وبدأت ملامح كارثة إنسانية متكاملة الأركان في التشكّل، وسط صمت مقلق من المجتمع الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى