اعتقال وابتزاز.. “الدعم السريع” تحول “نيالا” إلى سجن كبير

دروب 12 مارس 2025 – تعتقل قوات الدعم السريع مئات المواطنين في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي السودان، بتهمة التعاون والتخابر مع الجيش السوداني مما جعل المدينة أشبه بسجن كبير.
ويواجه هؤلاء المعتقلون أوضاعًا إنسانية سيئة بسبب التعذيب والجوع، حيث توفي العشرات منهم داخل المعتقلات بسبب انعدام الغذاء والرعاية الصحية وَفْقاً لـمصادر تحدثت لـ”دروب“.
كما يتم مساومة البعض منهم بدفع مبالغ مالية مقابل الافراج عنهم، وفق المصادر وناجون من تلك المعتقلات.
وأكدت المصادر أن جميع المعتقلين تهمتهم التعاون مع الجيش السوداني حيث يطلقون عليهم لفظ “أب بلده”، وتحت هذه الذريعة تم قتل وجرح العشرات، فيمَا لم يتم التعرف على مصير المئات من المواطنين المختفين قسريًا”.
مقرات الاعتقال
وتحصلت “دروب” على بعض المقرات التي تعتقل فيها قوات الدعم السريع المدنيين في مدينة نيالا، حيث يمثل معتقل “غابة النيم” ومبنى الاستخبارات أكبر المعتقلات، بالإضافة إلى معتقلات “الطبية شارع المطار، والقسم الجنوبي، والقسم الشمالي، ومعتقل المنطقة الصناعية”.
كذلك تعتقل قوات الدعم السريع والمليشيات المتعاونة معها، المدنيين بغرض الابتزاز والحصول على أموال، ونتيجة لذلك فرّ الآف المواطنين من المدينة التي تحولت إلى “بيوت اشباح” رغم أنها لا تشهد عمليات قتالية منذ زمن طويل.
ووثقت “دروب”، عشرات الحالات لمواطنين تم اعتقالهم بتهمة التعاون مع الجيش السوداني ورفع إحداثيات للطيران، ولم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد دفع أموالا لمعتقليهم.
قال أحد المُفرج عنهم من المعتقل لـ”دروب” إن استخبارات الدعم السريع اعتقلته من السوق عندما كان يشتري بعض الأغراض لمتجره في طرف المدينة، بتهمة رفع إحداثيات لطيران الجيش.
وأضاف “تمت مساومتي بدفع مبلغ 500 ألف جنيه، وبعد أن رفضت تواصلوا مع أهلي وهددوهم بتصفيتي في حال لم يتم دفع المبلغ في ظرف 48 ساعة، واضطرت أسرتي لدفعه”.
ولم يكن هذا الناجي الذي نخفي اسمه لدواع أمنية، وحده ضحية الاعتقال بتهمة التخابر مع الجيش ورفع الاحداثيات للطيران، فهناك من تمت تصفيته في الحال أو البقاء لمواجهة الموت البطئ داخل المعتقلات، وفق قوله.
من جهته قال صاحب صيدلية لـ”دروب“، إنه أضطر لمغادرة المدينة إلى إحدى ولايات الشمال، بعد أن تعرض للاعتقال والابتزاز أكثر من مرة، ودفع مبالغ مالية لأكثر من شخص ينتمون لقوات الدعم السريع.
ويضيف: “في كل مرة يتم تهديدي بالسجن والقتل في حال عدم دفع المبلغ المطلوب، وفي المرة الأخيرة كانت عملية ابتزاز عن طريق أحد أصدقائي في الحي يعمل وسيطًا مع مجموعة الدعم السريع، وطلب مني دفع 500 جنيه لنفي التهم والسماح لي بمغادرة نيالا”.
يتصيدون الأغنياء
وفقًا لمصادر محلية فإن أفراد من قوات الدعم السريع يتصيدون الأغنياء بالمدينة ويتهمونهم بالإنتماء للجيش، ومن ثم يبتزونهم لدفع مقابل مالية مقابلة إسقاط التهم.
يقول موظف من نيالا فضل حجب اسمه لدواعي أمنية: إن “مدينة نيالا تعيش حالة فوضى أمنية في ظل القتل والنهب والاعتقال الذي تمارسه قوات الدعم السريع بحجة التخابر ورفع إحداثيات للطيران الحربي.
ويضيف: “تحت هذه الذريعة يعتقل الآلاف من المواطنين بالمدنية ويعيشون ظروفا إنسانية وصحية سيئة بسبب انعدام الغذاء والدواء”.
ولم يسلم الأطباء الذين يعملون في عيادات خاصة لمعالجة المرضى، من الاعتقال، حيث تعرض عددا منهم لعمليات ابتزاز ودفع مبالغ مالية لأافراد من قوات الدعم السريع، وفق المصادر.
وحملت المصادر الإدارة المدنية التابعة لقوات الدعم السريع مسؤولية عدم توفير الحماية لهؤلاء الأطباء بالرغْم من تلقيها بلاغات عدة عن الاعتقال والابتزاز.
وسبق أن قالت شبكة أطباء السودان إن أفرادا من قوات الدعم السريع خطفت الطبيب آدم عبدالله يحيى من منزله بنيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وصفّته بتهمة انتمائه للجيش ورمى جثته في مكان خارج نيالا.
وأدت الحرب الدائرة في السودان إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد أكثر من 14 مليون آخرين، فيما فرّ نحو 3.2 مليون سوداني إلى الدول المجاورة، وفقًا للأمم المتحدة.
ويعاني ما يقرب من 18 مليون شخص في أنحاء السودان، من “الجوع الحاد”، كما يواجه أكثر من 5 ملايين شخص مستويات طارئة من الجوع، بحسب وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني.