تقارير

تحت قصف المسيرات.. استهداف سد مروي يعمق معاناة السودانيين

الخرطوم 21 أبريل 2025 – رسمت عودة التيار الكهربائي إلى مدينة أم درمان بالسودان، فرحة كبيرة لدى محمد موسى، بعد انقطاع استمر نحو أسبوعين، تسبب في أزمات متوالية على رأسها ندرة مياه الشرب حيث وصل سعر البرميل الواحد إلى 30 ألف جنيه في بعض مناطق العاصمة.

قال موسى لـ”دروب” إنه ظل يقطع يوميا مسافة تصل إلى 8 كيلو مترات لجلب مياه الشرب بواسطة عربة يدوية صغيرة “درداقة” بعد أن انقطعت المياه عن منطقته بسبب قطوعات الكهرباء.

شملت أزمة المياه أجزاء واسعة من العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى وسط وشمال وشرق البلاد، بسبب انقطاع الكهرباء نتيجة خروج محولات رئيسية بسد مروي عن الخدمة جراء تعرضها لقصف بطائرات مسيرة.

وقال سكان في مدينة أم درمان لـ”دروب” إنهم ظلوا يقفون في صفوف طويلة للحصول على مياه الشرب من بعض المنازل التي تعمل بالطاقة الشمسية أو المولدات الكهربائية.

مخاطر الاستهداف

تعرض سد مروي خلال الفترة الماضية لسلسلة هجمات بواسطة طائرات مسيرة يقول الجيش أنها تتبع لقوات الدعم السريع، وسط مخاوف من تأثيرها على سلامة السد.

وحول مدى التهديدات التي يشكلها استهداف الطائرات المسيرة لسد مروي، أوضح وكيل وزارة الطاقة والتعدين والكهرباء السابق، المهندس خيري عبد الرحمن، أن بنية جسم سد مروي أنشئت بالبناء الخرصاني الذي يتمتع بقدرة كبيرة لتحمل كافة أنواع الضغط سواء الناتج عن زيادة في حجم المياه المخزنة خلف السد، او الناتج عن التدخلات الخارجية العنيفة مثل الزلازل أو حتى الضربات العسكرية.

وأضاف خيري في تصريح لـ”دروب” أن “طول السد 9 كيلومتر ويصل أعلى ارتفاع 67 متر، وهو بناء خرصاني مسلح ضخم لذلك من غير الوارد حدوث انهيار كامل للسد، ربما تحدث بعض التصدعات إذا تعرض لقصف كبير ومستمر لفترة طويلة، لكن لن تؤثر تلك التصدعات كثيرا في حجم التخزين مع استمرار الوارد إليه من المياه، ومن غير المتوقع أن تحدث زيادات خطيرة لكميات المياه المتدفقة أمام السد”.

من جهته أكد مصطفى حسين، وهو مسؤول سابق في وزارة الري، في تصريح لـ”دروب” أن سلامة السد ومخاطر انهياره ليست بالأمر اليسير ولكن قد يؤثر الاستهداف على التشغيل بسبب مخاطر السلامة للعاملين، لافتا إلى أن معالجة آثار ضرب المحولات أمر خارج عن الارادة وعلى المتضررين الصبر وتحمل آثاره لحين قيام المعنيين بإصلاح الأضرار في المحولات والخطوط الناقلة.

وأوضح حسين أن سد مروي يغذي ولايات نهر النيل الشمالية والبحر الأحمر والخرطوم، مؤكدا أن السد يعمل بصورة جيدة ولم تتأثر طاقته الإنتاجية وإنما تأثرت المحولات للخطوط الناقلة.

ووصف الهجمات التي يتعرض لها سد مروي بأنها أعمال تخريبية تستهدف الخدمات المدنية.

“الطاقة الإنتاجية لسد مروي متغيرة حسب الحاجة في الشبكة في المواسم المختلفة، لكن السد ما زال بإمكانه العمل بطاقته القصوى”، يقول حسين.

“الدعم السريع” تنفي

وكانت إدارة سد مروي اتهمت قوات الدعم السريع بشن الهجمات التي تكررت خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى قطع الكهرباء أكثر من مرة عن أجزاء واسعة بالبلاد، لكن مسؤولًا سياسيًا بقوات الدعم السريع نفى صلتهم بتلك الهجمات ولو بالخطأ.

قال المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، ابراهيم مخير، في تصريح لـ”دروب” إن الدعم السريع لم يقصف أي مرافق خدمية بالسودان، مبيناً أن الأماكن التي انسحبت منها كانت الخدمات فيها مستقرة بصورة مناسبة، وفق قوله.

وأضاف “نحن نعتقد أن مجموعات معسكر الجيش ربما هي التي تستهدف هذه المرافق لابتزاز الدعم السريع والإساءة إليها وتوريطها في انتهاكات ضد المدنيين أو ربما لاستثارة مشاعر المواطنين ودفعهم للاستنفار والقتال بجانبه، وربما لتبرير صفقات الفساد وشراء قطع الغيار باهظة الثمن”.

وقال مخير إن “الجيش يملك رصيدا ضخما من استهداف البنية الأساسية في كافة انحاء السودان من جسور ومستشفيات ومرافق خدمية مختلفة”.

حجم الانتاج

يصل جملة الانتاج الكهربائي من سد مروي ويدخل إلى الشبكة القومية حوالي 3 آلاف ميغاواط ويمثل حوالي 40% من حاجة كل السودان للكهرباء، وفق وكيل وزارة الطاقة والتعدين للكهرباء السابق، المهندس خيري عبد الرحمن.

قال خيري لـ”دروب” إن مجموع سدود “الروصيرص وسنار وستيت ومروي وخشم القربة وجبل أولياء”، تنتج حوالي 70% من الكهرباء، في حين تغطي محطات الإنتاج الحراري البقية من الحاجة للتيار الكهربائي، وسط غياب شبه تام للإنتاج من الطاقات البديلة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وأكد وكيل وزارة الري السابق أن “إنتاج سد مروي بعد الحرب أصبح محصورًا في الجزء من الشمالي والشرقي وبعض الوسط، في حين تغطي الشبكات الأخرى بقية مناطق السودان، وفق برنامج التجزئة الذي اعتمده المسؤولين بعد تأثر الشبكة القومية الموحدة للكهرباء بالحرب.

وأضاف أن “الولاية الشمالية من وادي حلفا حتى شمال دنقلا عند محطة التوزيع الكهربائي، يتم إمدادها بشكل منفصل من الخط المصري منذ مايو 2020 بطاقة فاقت 80 ميغاواط خلال أوقات الذروة الصيفية، ومن المخطط أن يزيد الإمداد المصري للكهرباء إلى 240 ميغاواط بعد استكمال تركيب وتشغيل أجهزة الضبط الكهربائي في محطتين تابعتين للشبكة القومية السودانية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى