بعد خروج “الدعم السريع”.. هل أصبحت الخرطوم جاهزة لعودة السكان؟

أمدرمان 19 أبريل 2025 – عاد إسماعيل نورين، إلى مدينة امدرمان بعد طرد قوات الدعم السريع إلا أنه تفاجأ بأن المنطقة غير صالحة للسكن، فالخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وغيرها غير متوفرة كما أن الأمن غير مستتب فهنالك مسلحين يجوسون خلال الديار ينهبون ما لدى المواطنين.
مكث نورين أكثر من عام لاجئًا في دولة أوغندا بسبب الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وشردت نحو 12 مليون شخص من منازلهم، كان هو من بينهم حينما خرج من منزله في منطقة أمبدة بأم درمان.
قال نورين لـ”دروب” إن التطورات العسكرية الأخيرة والتي قضت بخروج قوات الدعم السريع من مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري وأجزاء كبيرة من أمدرمان، دفعته إلى العودة للسودان على أمل استئناف حياته كما كانت قبل الحرب، لكنه تفاجأ بأن ذلك غير ممكنا في الوقت الراهن، فأستأجر منزلًا في محلية كرري عوضًا عن الاستقرار في منزله.
وأكد أن أجزاءًا واسعة من ولاية الخرطوم تعاني من تردي الخدمات كما تحولت العديد من الساحات العامة والميادين وبعض الشوارع إلى مقابر تضم ضحايا الحرب إن كانوا مقاتلين أو مدنيين.
كذلك قال شاهد عيان طاف عدداً من الأحياء بمدينة الخرطوم، لـ”دروب” إن استئناف الحياة هناك يحتاج وقتاً طويلاً لجهة غياب الخدمات والدمار الكبير للبنية التحتية خصوصا وسط الخرطوم.
وذكر أن كوابل الكهرباء والاتصالات الأرضية الضخمة تم استخراجها من باطن الأرض ونهبها لأنها تحتوي على النحاس، مبينا أن مخلفات الحرب من أسلحة وسيارات مدمرة لا زالت منتشرة في الشوارع.
غياب الكهرباء
لنحو أسبوعين تعيش ولاية الخرطوم في ظلام دامس بعد انقطاع الكهرباء نتيجة خروج سد مروي بعد تعرض المحولات الرئيسية لقصف بواسطة طائرات مسيرة تطلقها قوات الدعم السريع، وفق اتهامات الجيش السوداني.
وأكد المواطن معتز نصر الدين لـ”دروب” أن انقطاع التيار الكهربائي زاد من معاناة المواطنين بولاية الخرطوم، لأنهم يعتمدون عليها في الحصول على المياه وطهي الطعام، حيث ارتفع سعر أسطوانة الغاز إلى 45 ألف جنيه.
وأشار إلى أن انقطاع الكهرباء يفاقم معاناة السكان الذين يعتمدون بشكل أساسي في مياه الشرب على المحطات التي تعمل بالكهرباء، مؤكداً ارتفاع برميل الماء إلى 30 ألف جنيه.
في منطقة صالحة جنوب أمدرمان التي لا زالت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، عاش السكان خلال فترة انقطاع الكهرباء معاناة كبيرة في سبيل الحصول على المياه حيث بلغ سعر البرميل 40 ألف جنيه، وفق ما أكده سكان لـ”دروب”.
خلال اليوم السبت بدأت الكهرباء تعود إلى مدينة أمدرمان بشكل متقطع، حيث عادت خلال الصباح لفترة قليلة قبل أن تقطع لتعود مع غياب الشمس لكنها أيضاً قطعت مرة أخرى.
إعادة الاعمار
تحاول حكومة ولاية الخرطوم العمل على تطبيع الحياة وإعادة الاعمار ونظافة ونقل الأنقاض وفتح الشوارع ودفن الجثث، وفق المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة، والناطق الرسمي باسم حكومة الولاية، الطيب سعد الدين.
قال سعد الدين في تصريح لـ”دروب” إن حكومة الخرطوم قطعت شوطا كبيرا بنظافة وسط الخرطوم وتأهيل الشوارع الثلاثة الرئيسية، “أفريقيا وعبيد ختم والستين” وجميع الشوارع الداخلية بوسط المدينة من السكة حديد جنوبا وصولا إلى النيل الأزرق شمالا، ومن المقرن غربا وحتى القيادة العامة جنوبا.
وأشار إلى أن الولاية دفعت بعدة شركات للعمل معها في هذا المجال، واستطاعت أن تحدث اختراقا جيدا على الرغم من التحديات الكبيرة وحجم تراكم هياكل المركبات بكثافة في الشوارع، لافتا إلى أنه جرى جمعها وترحيلها إلى ميدان واحد حتى يتعرف عليها أصحابها، كما تم التنسيق مع القوات المسلحة لسحب العربات القتالية المدمرة.
ونوه المسؤول الحكومي إلى أن الدفاع المدني بدأ حملة شاملة تستمر لمدة بهدف الدخول لجميع المرافق وتطهيرها وتعقيمها، حيث وفرّ كمية من الآليات والكوادر البشرية ومواد التعقيم، ويجري الآن العمل بوتيرة متسارعة تزامنا مع زيارة وزير الداخلية للخرطوم.
وبشأن قطوعات الكهرباء وأثرها الكبير على القطاعات الحيوية كالمياه والصحة، كشف الطيب، أن حكومة الخرطوم وضعت خُطة بديلة تتمثل في توفير الوقود لمحطة مياه المنارة، وجلب مولد كهربائي جديد حتى يرفع من كفاءة المحطة وزيادة الإنتاجية.
وأضاف أن “محطة مياه المنارة تغطي أجزاء واسعة من مدينة أم درمان الكبرى، وهي محطة كبيرة ومهمة ومع ذلك جرى تدعيمها بأكثر من 60 بئرا جوفية”.
وحول ظاهرة الانفلات الأمني التي تهدد حركة المواطنين، قال سعد الدين إن وزير الداخلية زار الخرطوم في إطار تعزيز الخطة الأمنية بالولاية ودعمها من خلال العمل المشترك الذي تقوم به لجنة الأمن، من خلال الطوف المشترك من كل القوات النظامية، إضافة إلى الخلايا الأمنية المكونة على مستوى المحليات.
وأكد أن الشرطة قامت بالانتشار داخل المناطق التي طُردت منها الدعم السريع وأعادت افتتاح أقسامها بنسبة كبيرة بما في ذلك محلية أمبدة غربي حيث فتحت بها خمسة أقسام شرطية.
ومع ذلك أقر الطيب بأن تحديات كبيرة لا تزال أمام حكومة الولاية، خاصة بعد تدمير البنى التحتية وتخريب محطات الكهرباء.
وأضاف أن “الولاية تخطط للتحول إلى الطاقة الشمسية باعتبارها أرخص وأقل تكلفة في الوقت الراهن من الكهرباء، مقارنة بتكلفة إعادة تأهيل القطاع المدمر”.