تقارير

“انتقام مزدوج”.. مدنيون يفرون من جنوب كردفان إلى المجهول

دروب 2 يونيو 2025 – فرت مئات الأسر من مدينتي الدبيبات والحمادي والقرى المحيطة في ولاية جنوب كردفان، إلى المجهول، تاركين خلفهم كل شيء، بسبب تعرضهم لما يشبه الانتقام من طرفي الصراع السوداني بعد تبادلهما السيطرة على المنطقة الأيام الماضية.

ووصل بعض الفارين إلى مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان بعد رحلات شاقة سيراً على الأقدام وبطرق وعرة، بينما لا تزال العديد من الأسر تتقطع بها السبل في القرى والمناطق النائية وسط شح الغذاء ومياه الشرب، بحسب ما نقله متطوع من الأبيض لـ”دروب”.

وكان الجيش والقوة المشتركة سيطرا لبضعة أيام على مدينتي الدبيبات والحمادي في ولاية جنوب كردفان، قبل أن تستعيدهما قوات الدعم السريع مجدداً بعد معارك عسكرية ضارية الأسبوع الماضي، وفي كلا الحالتين تعرض سكان بهذه المناطق لانتهاكات شملت القتل والضرب، بتهمة التعاون، وفق ما تحققت منه “دروب”.

وقال متطوع بمدينة الأبيض لـ”دروب” إن الفارين الذين وصلوا المدينة كانوا قد تجنبوا السير عبر طريق الأسفلت للوصول إلى الأبيض نسبة للمخاطر الأمنية واستمرار الاشتباكات العسكرية، مشيراُ لإيوائهم في مراكز خاصة وتقديم الخدمات الإنسانية لهم بواسطة المتطوعين.

وأشار إلى أن النازحين الذين وصلوا الأبيض أوضحوا أن عشرات الأسر تتقطع بها السبل في العراء، وتسيطر عليهم حالة من الرعب، خشية ملاحقة المسلحين لهم وقتلهم.

وفي مايو الماضي تمكن الجيش السوداني والقوة المشتركة من السيطرة على مدينتي الدبيبات والحمادي في ولاية جنوب كردفان، لكن قوات الدعم السريع استعادت السيطرة عليهما يوم الخميس الماضي على المدينتين بعد معارك ضارية.

انتهاكات مزدوجة

وصاحبت هذه المعارك انتهاكات من الجيش وقوات الدعم السريع بحق المواطنين حيث يتهمهم كل طرف بالتعاون مع الآخر، مما دفع السكان إلى الفرار من منازلهم خشية الانتقام.

وقال ناشط حقوقي مقيم خارج السودان لـ”دروب” إنه فقد الاتصال مع أسرته في مدينة الدبيبات منذ أسبوع، ولا يدري ما مصيرهم الآن، لافتاً إلى انقطاع تام لشبكات الاتصالات في المنطقة، وكانت الوسيلة الوحيدة هي أجهزة الإنترنت الفضائي “ستار لنك” وقد توقفت جميعها بعد المعارك الأخيرة.

وأضاف “في آخر اتصال جمعني بهم، طلبت منهم التحرك نحو الأبيض، لكن من الواضح أنهم لم يصلوا إلى هناك، وإلا لتواصلوا معي وطمنوني، أنا قلق عليهم بشدة”.

وأعدم الجيش بعد اجتياحه لهذه المنطقة 7 مدنيين في مدينة الحمادي المجاورة للدبيبات من أسرة الصحفي السوداني إيهاب مادبو، لكن متحدث القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله نفى هذه الاتهامات خلال تصريح لـ”دروب”.

وبعد تصاعد حملات الانتقام من قبل الجيش والقوة المشتركة، نزح مواطنون من الدبيبات والحمادي، إلى مدينتي أبوزبد والمجلد في ولاية غرب كردفان، بحثاً عن الأمان.

وقال أحمد الطيب وهو متطوع من المناطق المحيطة بأبو زبد لـ”دروب” “وصلت مئات الاسر من الدبيبات والحمادي إلى محلية أبوزبد، وهم يعيشون أوضاع إنسانية سيئة، رغم المجهودات التي يقوم بها المجتمع المحلي”.

وأضاف “من بين النازحين أطفال وكبار في السن ونساء، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وتدخلات تنقذ حياتهم، فقد تركوا كل ممتلكاتهم خلفهم بما في ذلك الماشية التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في معاشهم”.

انتقام جديد

ولم تنتهي الانتهاكات عقب خروج الجيش، فبعد استعادة قوات الدعم السريع السيطرة على ذات المنطقة يوم الخميس الماضي، أعدمت 5 شباب مدنيين في مدنية الدبيبات وقريتين محيطتين بها، بعد اتهامهم بالتعاون مع الجيش.

وبحسب مصادر محلية ومعلومات تحققت منها “دروب” فإن قوات الدعم السريع اقتحمت قرية “كربب” الواقعة شمال شرق مدينة الدبيبات، يوم الجمعة الماضي، وقتلت شاباً يدعى نور الدين حسن أحمد، يعمل تاجراً للأحذية بالقرية، كما قتلت المواطن عبدالرحمن إسماعيل، وإصابة المواطن سيف الإسلام سعيد الزين، بجروح، وذلك بتهمة التعاون مع الجيش.

كذلك هاجمت قوات الدعم السريع قرية “تبلدية” الواقعة شمال مدينة الدبيبات، وأعدمت شابين شقيقين، آدم وحماد بشير أب طاقية، بتهمة التعاون مع الجيش، وفق المصادر.

كما قتلت قوات الدعم السريع المواطن محمد علي الزين في الدبيبات، وهو شاب ظهر خلال مقطع مصور عقب دخول الجيش والقوة المشتركة إلى المدينة، يرسل كلمات طمأنة إلى المواطنين.

وذكرت المصادر أن قوات الدعم السريع مارست انتهاكات أخرى شملت ضرب المواطنين بالسياط بتهمة الاحتفال مع الجيش عقب دخوله منطقة الدبيبات.

وتسببت الحملات الانتقامية من قوات الدعم السريع في ارعاب جديد للمواطنين، مما دفعهم إلى الخروج من منازلهم نحو المجهول، في سعيهم لحفظ حياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى