آمال العودة إلى “سنار السودانية” تصطدم بانهيار الخدمات

دروب – 19 فبراير 2025 – اصطدمت آمال عودة سكان مدن وقرى ولاية سنار جنوب شرق السودان، بغياب الخدمات الأساسية، لا سيما المياه والكهرباء والخدمات الصحية، التي أضحت شبه منهارة نتيجة التخريب والدمار الواسع جراء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتكافح السلطات المحلية بموارد شحيحة لإعادة تأهيل ما يمكن تأهيله في قطاعي الصحة والتعليم حتى يتمكن التلاميذ من اللحاق بالعام الدراسي الجديد، وفق وزير الصحة بالولاية الذي تحدث لـ”دروب”.
وأجبرت المعارك الضارية التي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال مايو ويونيو من العام الماضي، معظم سكان قرى ومدن ولاية سنار على النزوح إلى ولايات شرق البلاد والنيل الأزرق، بينما احتمى الكثيرين منهم بقرى جنوب ولاية الجزيرة المجاورة.
وبحسب منظمة الهجرة الدولية، عاد أكثر من 55 ألف نازح إلى ولاية سنار في جنوب شرق السودان، بعد أكثر من شهر على استعادة الجيش السيطرة عليها من قبضة قوات الدعم السريع.

رحلات نزوح قاسية
وكانت قرية “ديم المشايخة” جنوب ولاية الجزيرة على الحدود مع سنار، استقبلت أعدادًا مقدرة من نازحي قرى جبل مويا ومصنع سكر سنار، حيث عانوا من نقص كبير في الغذاء وحاصرتهم الأمراض.
علي الشاذلي، أحد سكان قرية ديم المشايخة، يرسم صورة مأساوية للنازحين بعد رحلات قاسية، حيث ازدادت معاناتهم جراء انتشار الملاريا ثم الكوليرا التي استشرت بشكل كبير، مما تسبب في وفاة الكثيرين.
وأكد الشاذلي، الذي يشغل منصب المدير الطبي مستشفى ديم المشايخة، لـ”دروب” أن معدل الوفيات في اليوم يتراوح بين 12 – 15 حالة، موضحاً أن انتشار الكوليرا كان مثل النار في الهشيم وسط النازحين في المدارس ومراكز الايواء، قبل ان تنتقل إلى الأهالي.
وأشار إلى أن عدد كبير من النازحين مات بالجوع وسوء التغذية نتيجة لعدم توفر الغذاء، كما أن بعض النساء الحوامل وضعن أطفالهن أثناء رحلات النزوح من مدينة سنجة وقراها، وسط حدوث حالات اجهاض بسبب مشيهن على الأقدام لمسافات بعيدة.
عودة بالدموع
رئيس لجنة ترتيبات عودة النازحين لقرى جبل مويا، السماني أحمد، قال إن اللجنة الأمنية وافقت على عودة سكان قرى شرق الجبل وسكر سنار بعد التأكد من عدم وجود الموانع.
وذكر في مقابلة مع “دروب” أن عودة الأهالي كانت مصحوبة بالدموع والفرحة، بعد نزوح استمر سبعة أشهر ذاقوا خلالها كل أنواع الذل والاهانة، وفق تعبيره.
وأقر السماني، بوجود مشاكل تتعلق بالخدمات الأساسية بجميع مناطق جبل مويا، متمثلة في مياه الشرب والكهرباء التي تعرضت لتدمير جراء القصف المدفعي والضربات الجوية، ونوه إلى أن النازحين الذين عادوا إلى الديار يعتمدون على الحفير والآبار الإرتوازية الموجودة ببعض القرى للحصول على مياه الشرب، بينما ينتظرون عودة خط الامداد المائي.
وأكد أن كل المرافق الصحية في القرى والمستشفى الكبير بمنطقة جبل مويا تعرضت للدمار الكامل ونهب كل محتوياتها.
الألغام تؤجل العودة
وأكد السماني، أن الألغام والأجسام غير المتفجرة تسببت في تأخير العودة، كما أن “انتشار جيوب لقوات الدعم السريع على مشارف مدينة الدالي والمزموم قرب ولاية النيل الأبيض يتسبب في مخاوف لكثير من الأهالي”.
من جهته، أعلن وزير الصحة بولاية سنار، ابراهيم العوض، عن إعادة افتتاح عدد من المراكز الصحية، من بينها مركز غسيل الكلى بالدندر، ومستشفى للرنين المغنطيسي بسنار سنجة، وأضاف “نسعى الآن لإعادة تأهيل مستشفى الكلى بسنجة الذي تعرض لدمار جزئي.
وأكد العوض لـ”دروب” أن السلطات بالولاية تعمل على تفتيش المنازل وتأمينها من مخلفات الحرب حتى لا يتأذى المواطن، لافتا إلى أن التحدي الآن يتمثل في إعادة الكهرباء والمياه، مبينا أن الاستعدادات تجري لفتح المدارس وفقا لخطة وزارة التربية والتعليم.