“الوادي الأخضر”.. مدينة الصحفيين السودانيين تحت وطأة الأزمات

دروب 23 يوليو 2025 – تعاني مدينة الوداي الأخضر شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، من أزمات متلاحقة على رأسها نقص مياه الشرب وقلة الغذاء مما وضع سكانها في مواجهة الجوع.
تقع الوادي الأخضر أقصى شرق العاصمة السودانية الخرطوم، وهي مجمع سكني مترامي الأطراف غالب سكانها من الصحفيين السودانيين، ومع ذلك فهي بلا طعام ولا مياه صالحة للشرب، بينما تندرج خدمات التعليم والصحة في مقام الرفاه.
تعيش حاليا في الوادي الأخضر نحو 2500 أسرة محصورة في مربعي 20 و21، تواجه مصاعب كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب والخدمات العلاجية، إذ توقفت جميع المطابخ المجانية التي كان يعتمد عليها السكان في معاشهم، وتبقى مطبخ واحد فقط يقدم مياه الشرب مرتين في الأسبوع، وفي بعض الأحيان وجبة طعام واحدة، وفق متطوعون.
يرسم مشهد اصطفاف مئات المواطنين أمام أحد المطابخ المجانية “التكية” للحصول على مياه صالحة للشرب، صورة لأحد جوانب المعاناة التي يعيشها سكان مدينة الوادي الأخضر وهم يكافحون لانتزاع الحياة من وسط الأزمات.
أكبر الهواجس
قال المهندس عباس محجوب، أحد سكان المدينة لـ”دروب” إن مياه الشرب تمثل أكبر هاجس للسكان، فهي مشكلة موروثة منذ تأسيس المدينة، إذ لا توجد مياه جوفية صالحة بداخلها، وتُزود بالمياه من آبار في منطقة التلال التي تبعد عنها بنحو 8 كيلومترات.
وذكر محجوب الذي ظل يدير مطبخاً مجانياً في الوادي الأخضر طوال الفترة التي أعقبت اندلاع الحرب، إن جميع المطابخ المجانية التي كان يعتمد عليها السكان طوال فترة الحرب، توقفت بسبب انعدام التمويل مما فاقم أزمة المواطنين.
وقال إن تشغيل الطلمبات لضخ المياه في الوادي الأخضر يتطلب وقوداً بمبلغ 500 الف جنيه يومياً، وهو ما لا يستطيع السكان فعله، ومن وقت لآخر تتبرع منظمات طوعية بكميات من الوقود، لكن ذلك بمثابة مسكن، ولا يعالج الأزمة، وفق تقديره.
ويشير محجوب إلى وجود دراسات لحلول جذرية لمشكلة مياه الشرب في الوادي الأخضر عن طريق منظومة للطاقة الشمسية، لكن ذلك يتطلب ملايين الجنيهات التي لا يستطيع الجهد الشعبي تغطيتها.
الوادي الأخضر هو أحد أكبر المخططات التي أطلقها صندوق الإسكان الشعبي في ولاية الخرطوم، ويسكنها أكثر من 5 آلاف شخص، بينهم صحفيون ومهندسون وموظفون في مختلف المهن في الدولة.
مآسي الأطفال
ينقل عبد الوهاب موسى وهو صحفي ظل عالقا في الوادي الأخضر منذ اندلاع الحرب، واقع قاسي يعيشه سكان المدينة، نتيجة تردي الوضع الاقتصادي، فلا أحد يمتلك السيولة النقدية للشراء، في الوقت الذي توقفت فيه “التكايا” بسبب غياب التمويل.
وقال لـ”دروب” “الأطفال هم أكثر الفئات تأثراً بهذه الأوضاع، حيث ظهرت حالات سوء تغذية وسطهم، كما تمزقت ملابسهم ونعلاتهم، وأصبح حالهم بائساً ومحزناً، كما تتوقف المدارس بشكل كامل، حتى لو أعيد افتتاحها لن يتمكن الأطفال من الذهاب، لأنهم لا يملكون ملابس يرتدونها، كذلك تدمرت المدارس”.
ولم يكن الوضع الصحي في الوادي الأخضر أفضل حالاً، حيث يوجد مركز طبي واحد حكومي محدود الإمكانيات، ويديره معاون طبي، وآخر خاص لديه خدمات متقدمة قليلاً، لكن بمقابل مالي لا يستطيع السكان توفيره، أما الحالات المرضية الحرجة، تُنقل إلى مستشفى أمدرمان، وفق عبد الوهاب.
من جهته، يشير د. أنور شمبال، وهو صحفي وأستاذ جامعي مقيم في الوادي الأخضر، إلى أن المنطقة ظلت مأهولة بالسكان طوال فترة الحرب، لكن المنظمات الإنسانية لم تتدخل إلا خلال الفترة الأخيرة، ووزعت مساعدات محدودة.
وقال لـ”دروب”: “نناشد المنظمات الإنسانية والسلطات الحكومية بالتدخل العاجل لمساعدة سكان الوادي الأخضر للتغلب على الأزمات التي يعيشونها، خاصة مياه الشرب وخدمات الصحة والتعليم”.
أما التيار الكهربائي الذي يواصل الانقطاع منذ اندلاع الحرب فلا أمل لعودته خلال مدى قريب إلى الوادي الأخضر، نتيجة نهب المحولات والكوابل، مما يجعل معاناة السكان مستمرة، وفق المتطوع في المنطقة عباس محجوب.