تقارير

ما دلالات قرارات البرهان بشأن المحكمة الدستورية والنيابة العامة؟

30 أغسطس 2025 – انتقد خبراء قانونيون قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان، بشأن تعيين رئيس جديد للمحكمة الدستورية وإعفاء النائب العام ومساعديه، واعتبروها “غير دستورية وتعكس رغبة قائد الجيش في إحكام قبضته على السلطة وربما فاتورة لتسوية سياسية محتملة”.

وكان رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان أعلن خلال اليومين الماضيين تعيين وهبي أحمد مختار، رئيساً للمحكمة الدستورية، بناءً على توصية من المفوضية القومية للخدمة القضائية، وفق مصدر مطلع.

وقال المصدر لـ”دروب” إن المفوضية عقدت اجتماعاً طارئاً في بورتسودان لإعادة تفعيل المحكمة الدستورية بعد تعطيلها منذ سقوط نظام عمر البشير في أبريل 2019، بسبب الخلافات المتكررة بين المكونات المدنية والعسكرية في السلطة الانتقالية، الأمر الذي خلق فراغاً دستورياً دام سنوات.

وجاء قرار البرهان ضمن حزمة من القرارات شملت أيضاً إعفاء النائب العام وعدد من مساعديه وسط تكهنات حول تغيّر مواقف قائد الجيش بعد “اجتماع زيورخ” وما تردد عن تفاهماته مع مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

ورغم أن إعفاء النائب العام ومساعديه بدت في ظاهرها إبعاداً لشخصيات ذات صلة بالحركة الإسلامية، إلا أن قانونيين وسياسيين اعتبروها تعكس محاولة من قائد الجيش لترسيخ هيمنته على السلطة.

منحة من قائد عسكري

واعتبر الأمين السياسي في حزب المؤتمر الشعبي والقانوني كمال عمر بأن قرار البرهان الخاص بتعيين رئيس المحكمة الدستورية “غير دستوري”، مبيناً أن التعيين “منحة من قائد عسكري لا يملك الحق القانوني والدستوري لتعيين رئيس المحكمة”.

وأوضح عمر في تصريح لـ”دروب” أن غياب قانون ساري للمحكمة الدستورية يجعل الوظيفة شكليّة، مشيراً إلى أن بعض القضايا، خصوصاً أحكام الإعدام الصادرة ضد مدنيين أو متهمين بقتل متظاهرين، كانت تنتظر المحكمة للبت فيها غير أن أماكن تواجدهم المحكومين غير معلومة.

وأضاف أن “الغرض من إعادة تشكيل المحكمة الدستورية قد يكون تنفيذ أحكام الإعدام ضد مدانين في قضايا التعاون مع قوات الدعم السريع، في حين أن العدالة تقتضي إسقاط التهم عن المواطنين الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على التعامل مع واقع سيطرة الدعم السريع على مناطقهم”.

وبشأن إعفاء النائب العام، رأى كمال عمر أن القرار غير دستوري أيضاً، موضحاً أن تعيين النائب العام يتم عادة بترشيح من مجلس النيابة، وهو غير موجود حالياً. واعتبر أن القرار يعكس رغبة البرهان في إحكام قبضته على السلطة وربما يندرج ضمن “فاتورة لتسوية سياسية محتملة”.

استغلال أجهزة العدالة

وفي السياق نفسه، انتقد القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي والقانوني وجدي صالح استخدام المؤسسات العدلية كأداة لتوازنات سياسية، مؤكداً في تصريح لـ”دروب” أن إعفاء النائب العام ومساعديه – وهم ذات الشخصيات التي أعادها البرهان بعد أن أقالتهم لجنة إزالة التمكين – يمثل استغلالاً لهذه الأجهزة لتعزيز سلطة الأمر الواقع.

أما الخبير القانوني والمحامي الكاشف حسين عباس، المتخصص في قضايا العدالة الانتقالية، فاعتبر أن هذه القرارات تعكس إعادة تمكين لحلفاء حرب 15 أبريل من عناصر النظام السابق.

وقال لـ”دروب” إن تعيين رئيس المحكمة الدستورية، في ظل الانقلاب والحرب التي قوضت ما أفرزته ثورة ديسمبر والوثيقة الدستورية، يفتقد إلى الشرعية الدستورية والدولية، لغياب أهم مقومات العدالة: “الاستقلالية، والحياد، والكفاءة”.

وأردف عباس أن قرارات البرهان تستند فقط إلى “حاكمية الأمر الواقع” التي فرضها انقلاب 25 أكتوبر 2021 وما تبعه من حرب وانقسام داخلي، مع إقصاء القوى المدنية وتغوّل السلطة العسكرية على المؤسسات الدستورية.

وكان البرهان قد أصدر قراراً بإعفاء النائب العام الفاتح محمد عيسى طيفور، إلى جانب مساعديه: ياسر بشير البخاري، عامر محمد إبراهيم ماجد، ياسر أحمد محمد، وأحمد علي المتكسي. وتأتي هذه القرارات بعد أيام من تغييرات واسعة أجراها في قيادة الجيش، شملت إحالة عدد من كبار الضباط إلى التقاعد، بينهم ثلاثة من أبرز الموالين للنظام السابق، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى