هيومن رايتس ووتش: قوات متحالفة مع الجيش السوداني ارتكبت جرائم حرب

دروب 25 فبراير 2025 – أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الثلاثاء، أن قوات “درع السودان” المتحالفة مع الجيش السوداني، ارتكبت جرائم حرب تمثلت في قتل المدنيين وحرق مساكنهم ونهب ممتلكاتهم في ولاية الجزيرة.
وقالت المنظمة الدولية في تقرير نشرته اليوم الثلاثاء، إن “درع السودان” التي يقودها ابوعاقلة كيكل، تعمّدت استهداف المدنيين في هجوم شنته يوم 10 يناير 2025، على قرية “كمبو طيبة” بولاية الجزيرة أسفر عن مقتل 26 شخصا على الأقل، بينهم طفل، وجرح آخرين. كما نهبت الممتلكات المدنية بشكل منهجي، بما يشمل المؤن الغذائية، وأحرقت المنازل، فضلا عن جرائم قتل أخرى في مدينة ودمدني التي دخلها الجيش في يناير الماضي.
ونوه التقرير إلى أن هذه الأفعال تشكل جرائم حرب، وبعضها، مثل قتل المدنيين عمدا، قد يشكّل أيضا جرائم محتملة ضد الإنسانية.
وأضاف أنه “بموجب مبدأ مسؤولية القيادة، قد يكون القادة العسكريون مسؤولين عن جرائم الحرب التي يرتكبها أفراد تابعون للقوات المسلحة، أو مقاتلون آخرون خاضعون لسيطرتهم”.
قتل نهب
وأكد التقرير أن باحثي هيومن رايتس ووتش، أجروا مقابلات مع ثمانية ناجين من الهجوم على كمبو طيبة شهدوا أيضا أحداثا رئيسية محيطة بهذا الهجوم، كما حلل الباحثون صور الأقمار الصناعية، والصور الفوتوغرافية والفيديوهات التي شاركها الناجون وأظهرت جثث بعض القتلى، والأضرار الناجمة عن الحرائق التي تسبب فيها المهاجمون، ومقابر الضحايا، وقائمة تضم 13 قتيلا.
وقال شهود عيان إن مقاتلي “درع السودان” شنو هجوما على “كمبو طيبة” في صباح 10 يناير الماضي، وأطلقوا النار عشوائيا على الرجال والفتيان وأشعلوا النار في المباني، ثم عادوا وهاجموا القرية مجددا بعد الظهر بينما كان السكان يدفنون الضحايا، وانتقلوا من منزل إلى آخر بحثا عن الرجال والفتيان، وعاودوا القتل والنهب والحرق، بحسب التقرير.
وقال رجل شهد الحادثة إنه سمع المهاجمين يصرخون بألفاظ عنصرية مثل “يا عبد” أثناء إطلاق النار.
ونقل التقرير عن امرأة قولها: “جاؤوا إلى المنزل الذي كنا فيه وسألوا أين أزواجنا جميعا. بدأوا بتهديد الجميع بأنهم سيؤذوننا وأزواجنا، قالوا، ألا تعرفون من هم جنود كيكل؟ ألا تعرفون من نحن؟”، في إشارة إلى أبو عاقلة كيكل، قائد قوات درع السودان.
وشكّل كيكل قوات درع السودان في العام 2022، وجنّد عناصرها بشكل أساسي من المجتمعات العربية في ولاية الجزيرة. قاتلت المجموعة إلى جانب الجيش السوداني من أبريل 2023 إلى أغسطس 2023، لكنها انشقّت بعد ذلك وانضمت إلى الدعم السريع، ثم عادت مرة أخرى وانضمت إلى الجيش في أكتوبر 2024.
جرائم حرب
وأوضح التقرير أن الفيديوهات التي تلقتها هيومن رايتس ووتش وتحققت منها تدعم رواية الهجوم على كمبو طيبة، وتحتوي أدلة على ارتكاب جرائم في أماكن أخرى في ولاية الجزيرة في الوقت نفسه.
وتُظهِر الفيديوهات التي حُدّد موقعها الجغرافي في ود مدني وظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي مقاتلين مرتبطين بالقوات المسلحة السودانية وهم يرتكبون أعمال تعذيب وقتل خارج القضاء ضد أشخاص عزل، وفق التقرير.
وقالت المنظمة الدولية إن قتل المدنيين وتشويههم ونهب الممتلكات المدنية وتعمد استهدافها وتدميرها هي جرائم حرب.
وأشار التقرير إلى أن جنرالات من الجيش السوداني، منهم الفريق أول ياسر العطا مساعد البرهان، ظهروا علنا مع كيكل منذ ذلك الحين وأشادوا بمساهمته في المجهود الحربي.
أدلة واضحة
وقال جان باتيست غالوبان، باحث أول في الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: “هناك أدلة واضحة على أن القوات المتحالفة مع الجيش السوداني مسؤولة عن عمليات قتل مروعة وفظائع ضد المدنيين. على الأطراف الدولية، بما فيها الولايات المتحدة و”الاتحاد الأوروبي” وبريطانيا، أن تدعم بشكل فاعل المبادرات القوية لحماية المدنيين في السودان وتفرض بسرعة عقوبات موجّهة ضد المسؤولين، بمن فيهم أبو عاقلة كيكل”.
وكان هجوم 10 يناير جزءا من تصاعد دموي في هجمات الجماعات والميليشيات المتحالفة مع الجيش السوداني ضد المجتمعات في الجزيرة وغيرها من المناطق التي استعادها الجيش من قوات “الدعم السريع” منذ يناير 2025. وفق التقرير.
وأكد استهدف المهاجمون المسلحون، بمن فيهم قوات درع السودان، و”كتيبة البراء بن مالك” الإسلامية، وميليشيات محلية، التجمعات التي يبدو أنهم اعتبروها مؤيدة لقوات الدعم السريع، عقب استعادة الجيش السوداني عاصمة ولاية الجزيرة، ود مدني، في 11 يناير.
وتبعد قرية كمبو طيبة 30 كيلومتر شرق ود مدني في محلية أم القرى، وسكانها من عرقيات “التاما والبرقو والمراريت”، وهم أصلا من غرب السودان.
وتُعرف هذه المجتمعات الزراعية بـ”الكنابي”، وسكانها معظمهم من عرقيات غير عربية من غرب السودان وجنوبه، استقرّوا في المنطقة منذ عقود. تعرضت تجمعات سكانية أخرى من الكنابي للهجوم في الأسابيع الأخيرة.