تقارير

“نهب الطعام وتلويث المياه”.. تصاعد انتهاكات “الدعم السريع” بالنهود

دروب 22 مايو 2025 – صعدت قوات الدعم السريع وتيرة الانتهاكات بحق المدنيين في مدينة النهود بولاية غرب كردفان والقرى المحيطة بها، شملت نهب الطعام وتعمد تلويث مصادر مياه الشرب.

وحصلت “دروب” على شهادات سكان محللين تؤكد اجتياح قوات الدعم السريع لعدد 10 قرى جنوب مدينة النهود، وتشريد سكانها قسرياً بعد حرق جزءا منها، ونهب ممتلكات المواطنين.

ومنذ سيطرة قوات الدعم السريع على النهود مطلع مايو الجاري، يعيش المدنيين في المنطقة على وقع انتهاكات واسعة، مما دفع آلاف الأسر للفرار إلى العراء والاحتماء بظلال الأشجار بلا طعام وبلا شراب، وسط غياب كامل للتدخلات الإنسانية، وفق شهود عيان.

وقال المواطن من قرية “قريود” جنوبي النهود، سعيد فضيلي، إن مسلحين يرتدون الزي العسكري لقوات الدعم السريع، أحرقوا قريته بعد اجتياحها وقتلوا 3 مواطنين، ومارسوا عمليات نهب واسعة طالت حتى الطعام.

وبحسب فضيلي فإن المسلحين نهبوا ذرة الدخن المخزنة في باطن الأرض والتي تعرف محلياً بـ”المطامير” حيث قاموا بنبشها وحمل الذرة التي بداخلها في سياراتهم.

وشملت الانتهاكات وفق سعيد فضيلي، قيام المسلحين بالاستحمام فوق خزانات مياه الشرب بالمنازل بغرض تلويثها وجعلها غير صالحة للاستخدام، حتى يُجبر المواطنين على المغادرة ضمن مخطط التهجير القسري.

وتفتقر عدد من القرى جنوب النهود إلى مصادر المياه الجوفية حيث يعتمدون على جلبها من مناطق أخرى وتخزينها في خزانات اسمنتية داخل الأرض، إلا أن المسلحين تعمدوا الاستحمام فوق هذه الخزانات وجعل الأوساخ تتدفق إلى المياه النظيفة.

نهب وقتل

ونهب مسلحو قوات الدعم السريع الحصين التي يعتمد عليها سكان بعض القرى جنوب النهود، لجلب مياه الشرب من منطقة “ودالحليو” المجاورة، كما طلبوا من سكان قرية “قريود” المغادرة ومن يجدونه في منزله يضربونه ويقتلونه، وفق سعيد.

ويضيف “اضطر مواطني نحو 10 قرى جنوب مدينة النهود إلى النزوح بشكل جماعي بسبب انتهاكات قوات الدعم السريع، وتوزعوا في الخلاء، وهم بلا طعام وبلا شراب حالياً”.

وتابع “الخريف على الأبواب، نحن نريد حماية يجب أن تقوم قوات الدعم السريع التي تسيطر على المنطقة بتوفيرها”.

وذكر أن المسلحون نهبوا كل شئ بما في ذلك الذرة والفول ولم يتركوا حتى البذور التي كانت مخصصة للزراعة.

نزوح مستمر

إلى ذلك استمرت حركة نزوح المواطنين من داخل مدينة النهود إلى القرى المجاورة وآخرين وصلوا إلى الأبيض وأمدرمان والدبة، بينما ذهب العدد الأكبر إلى محلية غبيش، وفق شهود عيان.

وقال أحد سكان النهود الذي وصل إلى قرية “أمشالايا” شمال غرب المدينة، لـ”دروب” إن النهود “أصبحت غير صالحة للسكن” وفق قوله، مشيراً إلى تفشي الفوضى وانفراط عقد الأمن.

وقال إن السوق الكبير نُهب بالكامل ويتم عرض جزءًا من منهوباته في سوق جديد اسمه “القرضاية” كما نهبت عدد من المنازل التي أجبر أصحابها على النزوح.

وأشار إلى أن مسلحي قوات الدعم السريع يجوبون طرقات المدينة ليلاً ويطلقون الأعيرة النارية في الهواء الأمر الذي يثير الرعب وسط السكان المتبقيين في منازلهم بالمدينة.

وأكد أن مدينة النهود تعيش في عزلة كاملة عن الخارج نسبة لانقطاع الاتصالات وسيطرة مقاتلي قوات الدعم السريع على أجهزة الانترنت الفضائي، مبيناً أنهم ينهبون هواتف المواطنين الذين يقصدونها بغرض التواصل مع ذوييهم.

إلى ذلك أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، نزوح أكثر من 46 ألف شخص من مدينتي النهود والخوي بولاية غرب كردفان، نتيجة المواجهات الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في المنطقة.

وكانت قوات الدعم السريع قد سيطرت على مدينة النهود في الثاني من مايو الجاري، بينما اندلعت قبل أسبوعين مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني والقوة المشتركة التابعة لحركات دارفور في مدينة الخوي، وسط استمرار حركة النزوح من المدينتين.

وقالت مصفوفة تتبع النزوح في بيان الخميس إن فرق الرصد الميداني التابعة لها قدرت عدد النازحين من محليتي الخوي والنهود بولاية غرب كردفان بنحو 46,840 فردًا (ما يعادل 9,367 أسرة) حتى تاريخ 21 مايو 2025.

وأشار إلى أن النزوح جاء نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة، مبيناً أن عددًا كبيرًا من هؤلاء النازحين كانوا نازحين سابقًا، ويواجهون الآن حالة نزوح ثانوي.

وأدت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في مدينة النهود مطلع مايو الجاري، إلى نزوح ما يُقدّر بنحو 35,000 فرد (6,999 أسرة) وفق البيان.

وأوضح أن غالبية النازحين (نحو 66% أو 23,105 أفراد) بقوا داخل محلية النهود، بينما نزح آخرون إلى محليات مجاورة، بينها غبيش (16%)، الأضية (6%)، وود بندة (6%)، إلى جانب مناطق أخرى.

وفي 2 مايو 2025، تسببت الاشتباكات بمدينة الخوي، في نزوح ما يُقدّر بـ 11,840 فردًا (2,368 أسرة). وقد نزح 93% من هؤلاء (نحو 10,910 أفراد) داخل نفس المحلية، بينما اتجهت أعداد أخرى إلى محليتي غرب بارا وشيكان في ولاية شمال كردفان، حسب مصفوفة تتبع النزوح.

تحمل المسؤولية

من جانبه، طالب د. عبد الله محمد آدم وهو أحد أعيان منطقة دار حمر قوات الدعم السريع، بتحمل المسؤولية كاملة بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها مواطني النهود والقرى المحيطة بها.

وقال عبد الله في رسالة إلى قيادة قوات الدعم السريع اطلعت عليها “دروب” “نكتب إليكم اليوم، ونحن نعيش حالة من الصدمة والألم لما تشهده مناطق دار حمر خاصة مدينة النهود وضواحيها من انتهاكات مروعة خارجة عن كل الأعراف والقوانين. فما يحدث من أعمال نهب وسرقة وقتل عشوائي وتشريد للأبرياء تحت مظلة قوتكم، هو أمر لا يمكن السكوت عنه أو تبريره بأي حال من الأحوال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى