زيارة وزير المعادن إلى دلقو… إنجازات على الورق ومعاناة على الأرض

عبدالمنعم العمرابي
الوخز بالإبر
أين صوت المجتمعات المتضررة؟ وأين مستشفيات تعالج السرطان والفشل الكلوي؟
في الوقت الذي احتفت فيه الجهات الرسمية بزيارة وزير المعادن الأستاذ نور الدائم طه لمحلية دلقو وفيما انشغلت الوفود المرافقة بالاجتماعات والاستقبالات ظل أهل المنطقة وهم الأكثر تضرراً من عمليات التعدين التقليدي والمنظّم خارج المشهد تماماً لا يُستشارون ولا يُستمع إليهم وكأن وجودهم هامشي في معركة يُدفعون هم ثمنها الصحي والبيئي.
وخزة اولي
زيارة رسمية… بلا صوت لأصحاب الأرض
رغم أن الهدف المُعلن لزيارة الوزير هو الاستماع إلى التحديات وتذليل العقبات إلا أن الواقع كان مختلفاً فقد نمّ إلينا علمٌ مؤكد بزيارة مدير الشركة السودانية للتعدين إلى محلية دلقو حيث تم استقباله بشكل رسمي ومنظّم من دون إشراك المكوّن المحلي الذي يكتوي يومياً بآثار التعدين العشوائي والملوثات السامة في الهواء والماء والتربة كيف يمكن لمسؤول أن يتجاهل المجتمعات المتضررة؟
وكيف تُدار ملفات بهذه الحساسية دون حضور الإدارات الأهلية وهي صاحبة الحق التاريخي في الأرض؟
وخزة عميقة
أمراض تتفشى… ومسؤولون يتجاهلون
المنطقة اليوم تعاني:
ارتفاع نسب السرطان بشكل مخيف وحالات فشل كلوي متزايدة وأمراض جلدية وتنفسية تضرب الصغار قبل الكبار ورغم ذلك لم يصدر عن الوفد الرسمي لا الوزير ولا المدير التنفيذي للمحلية أي حديث عن معاناة السكان أو عن السلبيات الخطيرة للتعدين العشوائي وكأن الأرواح مجرد أرقام قابلة للتجاهل.
وخزة عند اللزوم
مسؤول محلية يبحث عن الإيرادات… لا عن سلامة المواطنين
المدير التنفيذي للمحلية مدثر شرف الدين الذي يفترض أن يكون المدافع الأول عن حقوق مواطنيه بدا مشغولاً فقط بفتح السوق للمعدنيين وزيادة الإيرادات وتهيئة الأجواء للشركات بينما بقيت صحة الإنسان أغلى ما يملك خارج الحسابات تماماً.
وخزة ثانية
شركات كبرى… ومجتمعات بلا مستشفى!
من المؤسف حقاً أن تُقام في المحس شركات تعدين بمليارات الجنيهات ومصانع وآليات عملاقة…
بينما لا توجد في المنطقة مستشفى واحد مؤهل لعلاج السرطان أو الفشل الكلوي أو التسممات الناتجة عن الزئبق والسيانيد! كيف يرضى المسؤولون بذلك؟ وما قيمة العائد الاقتصادي إن كان الثمن هو صحة الإنسان وحقه في الحياة؟
كان الاولي الاستماع لصوت المجتمع المحلي… ووقف الفوضى …بح صوتهم وهم يطالبون
بوضوح بإشراك المجتمعات المحلية والإدارات الأهلية في كل ما يخص التعدين وإيقاف التعدين العشوائي ومراجعة أوضاع الشركات وإلزامها بمعايير السلامة
وإنشاء مستشفيات متخصصة لعلاج أمراض التعدين وشفافية كاملة في تقييم الأثر البيئي والصحي
وخزة اخيرة
الزيارة الرسمية قد تكون نجحت إعلامياً…لكنها فشلت أخلاقياً وإنسانياً لأنها تجاهلت صوت الإنسان الذي يعيش ويموت على هذه الأرض.
لن يقبل أهل المحس ودلقو أن تكون أرواحهم ثمناً لذهب يُصدّر أو مكاسب تُجمع أو تقارير تُكتب بطريقة براقة لا تعكس الواقع المرير



