تقارير

هل يستعيد السودان عضويته في الاتحاد الافريقي رغم استمرار الحرب؟

(تقرير) 5 أكتوبر 2025 – استبعد دبلوماسيون ومحللون سياسيون، في تصريحات لـ”دروب” استعادة السودان لعضويته المجمدة في الاتحاد الإفريقي خلال الوقت الراهن، ما لم تستوفِ البلاد الشروط المطلوبة لاستعادتها وعلى رأسها وقف الحرب.

يأتي ذلك بعد تصريح رئيس الوزراء كامل ادريس، قبل يومين الذي أعلن خلاله أن استعادة السودان لعضويته في الاتحاد الافريقي أصبحت مسألة وقت، مشيراً إلى أنه أجرى تفاهمات بشأن ذلك مع رئيس مفوضية الاتحاد وقادة عدد من الدول الإفريقية، على هامش مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وكان الاتحاد الأفريقي قد علق عضوية السودان عقب الانقلاب الذي نفذه المكون العسكري على الحكومة المدنية بقيادة عبدالله حمدوك، في 21 أكتوبر 2021، الأمر الذي عرقل مسيرة الانتقال وقاد لاحقاً إلى الحرب التي تعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات.

الحرب العقبة الرئيسية

قال وزير الخارجية السوداني السابق د. علي يوسف، إن السودان استوفى أحد الشروط الأساسية للعودة إلى الاتحاد الافريقي بتشكيل حكومة مدنية، غير أن استمرار الحرب لا يزال يشكل العقبة الرئيسية أمام استكمال متطلبات إعادة نشاط السودان داخل المنظمة الإفريقية.

وأكد وزير الخارجية السابق في تصريح لـ”دروب” أن فك تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي مرهون بوقف الحرب وإحلال السلام في البلاد.

وأضاف أن “السودان يعاني من مشكلتين رئيسيتين أبقتا عضويته معلقة في الاتحاد الإفريقي، أولاهما التغيير الذي أطاح بالحكومة المدنية التي كانت تستمد شرعيتها من الوثيقة الدستورية الموقعة بين المكونين المدني والعسكري، وهو ما اعتبره الاتحاد انقلاباً على الشرعية”. مشيراً إلى أن الاتحاد قرر على ضوء ذلك تجميد عضوية السودان.

وذكر يوسف أن المشكلة الثانية تتمثل في اندلاع الحرب في أبريل 2023، الأمر الذي عقّد عملية تشكيل حكومة مدنية، قبل أن يتم أخيراً الإعلان عن حكومة برئاسة كامل إدريس، وهو أحد الشروط الأساسية التي طالب بها الاتحاد الافريقي.

وكشف يوسف أنه كان قد تحدث خلال فترة توليه منصب وزير الخارجية إلى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي، الذي شدد حينها على ضرورة تكوين حكومة مدنية ووقف الحرب كشرطين رئيسيين لعودة السودان إلى مقعده داخل الاتحاد.

وكان تعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية السودان جاء التزاماً بمبادئه الرافضة لأي تغيير للسلطة بوسائل غير دستورية. إلا أن رئيس الوزراء السوداني د. كامل إدريس، قال في مؤتمر صحفي عقب مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن السودان بات قريباً من استعادة عضويته، في ظل ما وصفه بـ”التقدم الإيجابي” الذي أحرزته الحكومة المدنية في تنفيذ متطلبات الاتحاد.

كسر طوق العزلة

من جانبه، يرى الكاتب والباحث في الشؤون السياسية وشؤون القرن الإفريقي فؤاد عثمان أن مساعي د. كامل إدريس “ليست معزولة عن الجهود التي أعقبت انقلاب أكتوبر 2021″، معتبراً أنها امتداد لمحاولات سلطة الأمر الواقع في بورتسودان لكسر طوق العزلة الإقليمية المفروضة عليها منذ ذلك الوقت.

وقال فؤاد لـ”دروب” إن تعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية السودان “جاء التزاماً بمبادئه الراسخة بعدم الاعتراف بأي سلطة تصل إلى الحكم بوسائل غير دستورية”، موضحاً أن الاتحاد “أدان انقلاب 2021 وسيطرة الجيش على السلطة، وعدّ ذلك انتهاكاً للقيم المشتركة والمعايير الديمقراطية المنصوص عليها في الميثاق الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الذي اعتمدته قمة الاتحاد في أديس أبابا عام 2007”.

وأشار فؤاد إلى أن الاتحاد لم يرفع التجميد حتى بعد اتفاق نوفمبر 2021 بين رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك.

وأضاف فؤاد أن الرد المتوقع من الاتحاد الإفريقي على طلب رفع التجميد الحالي سيكون مشروطاً، إذ “تركز أولويات الاتحاد حالياً على وقف الاقتتال والحد من المعاناة الإنسانية”، وهو ما أكده مفوض السلم والأمن بالاتحاد بانكول أديوي بقوله إن رفع التجميد “مرتبط بوقف القتال وحماية المدنيين، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الحل السياسي الذي يمهد للتحول الديمقراطي”.

واستبعد فؤاد رفع التجميد في الوقت الراهن قائلاً: “أتوقع أن يستمر التجميد ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي يوقف الحرب، وقد يكون الرفع مشروطاً في حال أحرزت الأطراف المتحاربة تقدماً حقيقياً نحو السلام وتقديم حلول إنسانية، لكن الاعتراف الكامل سيظل مرتبطاً بوقف القتال وحماية المدنيين والانتقال السياسي الشامل الذي يحقق الاستقرار”.

من جهته رأى المحلل السياسي أمير النعمان أن تزايد الاعتراف الدولي بالحكومة الانتقالية في السودان، يمثل مؤشرًا على رغبة المجتمع الدولي في دعم مسار الاستقرار السياسي، وقد يسهم في إعادة النظر بقرار تعليق العضوية، وفق قوله.

وقال لـ”دروب” إن “بعض الدول في الإقليم شهدت تغييرات مشابهة لما جرى في السودان دون أن يتم تجميد عضويتها في الاتحاد الأفريقي، ما يطرح تساؤلات حول مدى اتساق المعايير المطبقة داخل المنظمة القارية”.

وأوضح أن ضعف أدوات الاتحاد الأفريقي في التعامل مع الأزمات الداخلية للدول الأعضاء، وفقدانه لآلية فاعلة للتأثير في النزاعات، يقلل من جدوى قرارات التجميد التي تبقى في كثير من الأحيان رمزية الطابع.

وأشار إلى أن الموقع الجيوسياسي للسودان وأهميته داخل القارة يجعلان من غير المرجح استمرار تجميد عضويته لفترة طويلة، خاصة في ظل الحاجة إلى إشراكه في الجهود الإقليمية لحل الأزمات التي تشهدها المنطقة.

وربط  بين موقف الاتحاد من السودان وبين التأثيرات الخارجية التي تلعب دورًا في تشكيل قراراته، مشيرًا إلى أن البيئة الإقليمية والدولية المحيطة بالسودان معقدة وتشهد تنافسًا واضحًا بين قوى متعددة، ما يجعل القرارات الأفريقية أحيانًا أقرب إلى التوازنات السياسية منها إلى المواقف المبدئية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى