الجوع يحاصر آلاف النازحين في الأبيض غربي السودان

دروب 11 يوليو 2025 – بعد رحلة نزوح شاقة سيرا على الأقدام، وجدت آمنة محمد، نفسها في مواجهة الجوع والعطش والمرض بمدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وهي لا تملك حيلة، بعد ان فقدت كل ما لديها من مدخرات.
ويواجه آلاف النازحين الفارين من مناطق الصراع في غرب وجنوب كردفان إلى مدينة الأبيض، أزمة حادة في الغذاء ومياه الشرب، وسط ضعف التدخلات الإنسانية.
واستقبلت الأبيض نازحين من مدن النهود الخوي في ولاية غرب كردفان، والدبيبات والحمادي والقرى المحيطة بها في ولاية جنوب كردفان، وذلك بعد تصاعد المعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في تلك المناطق.
جوع وعطش ومرض
تقول النازحة آمنة محمد، لـ”دروب” “خرجتُ من قرية الشقلة ريفي أبو حراز في تمام الساعة 12 ليلا بسبب الهجمات المسلحة، وسرت ومن معي بأقدامنا، ووصلنا إلى الأبيض في منتصف اليوم الثاني، فلم نجد هنا ماء ولا غذاء”.
وتضيف “تعرضنا للنهب من مجموعات مسلحة حيث أخذوا كل ما بحوزتنا، نحن نقيم في مركز إيواء مدرسة ثويبة في مدينة الأبيض، جوعانين وعطشانين، وحفيانين، وبيننا أطفال ومرضى يعانون بشدة، ولم يحصلوا على علاج”.
وناشدت هذه النازحة الجهات الحكومية والمنظمات الطوعية الإنسانية، بالتدخل العاجل لمساعدتهم بالغذاء ومياه الشرب، ومواد الإيواء والملابس، والعلاج اللازم للمرضى.

ومنذ يونيو الماضي، بدأت موجة نزوح جديدة من قرى شمال وشرق بارا إلى الأبيض بولاية شمال كردفان، بعد تصاعد هجمات قوات الدعم السريع على المواطنين، ورصدت منظمة الهجرة الدولية فرار نحو 4200 مواطن من هذه المناطق منذ منتصف يونيو الماضي، وفق ما كشفته في بياناتها.
ومع تصاعد وتيرة المعارك العسكرية في كردفان يستمر النازحون في التدفق إلى مدينة الأبيض للبحث عن الأمان، لكن المدينة التي تحاصرها قوات الدعم السريع من ثلاثة اتجاهات غير قادرة عن مقابلة الاحتياجات الإنسانية.
وقال مفوض العون الإنساني في ولاية شمال كردفان د. محمد إسماعيل في تصريحات نقلتها وكالة السودان للأنباء الرسمية “سونا” يوم 15 يونيو الماضي، إن الأبيض تستقبل 200 – 300 نازح يُسَجَّلُون في الكشوفات الرسمية للمفوضية.
وذكر إسماعيل أن مدينة الأبيض الواقعة وسط السودان استقبلت أكثر من 700 ألف نازح، يشكلون نحو 135 ألف أسرة، يتوزعون بين معسكر وسبع مجمعات سكنية داخل مدينة الأبيض.
مصاعب وقيود
من جهتها، روت النازحة إصلاح الدسوقي في حديثها لـ”دروب” قصة مأساة تعرضت لها قريتها علوبة في ولاية جنوب كردفان بعد اندلاع الاشتباكات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع شهر يونيو الماضي.
وقالت الدسوقي “خرج جميع المواطنين في قريتي على ظهور العربات التي تجرها الدواب، الكارو نسبة لعدم توفر أي وسيلة مواصلات أخرى، بينما كان البعض رجال ونساء وأطفال وعجزة يسيرون بأقدامهم، وبعد عناء استقبلتهم سيارات من الأبيض، وأوصلتهم إلى داخل المدينة”.
وتقيم هذه السيدة في مركز فاطمة الزهراء بحي الجلاء في مدينة الأبيض، وإلى جانبها نحو 1200 نازح، يواجهون مصاعب كبيرة في الوصول إلى الغذاء ومياه الشرب، وهي تناشد بضرورة التدخل لإغاثتهم.
من جهته قال ياسر دليل وهو متطوع في غرفة طوارئ حي الوحدة في الأبيض ولاية شمال كردفان، لـ”دروب” إن التحدي الأكبر الذي يواجههم كمتطوعين هو شح المساعدات الغذائية وضعف الإمكانات في ظل وجود أعداد كبيرة من النازحين في المدينة.
وأشار إلى وجود بعض الاستجابات الحكومية، لكنها محدودة جدا، ولا تواكب حجم الأزمة، كما ناشد بضرورة دعم جهود الإغاثة وتوفير الإمكانيات اللازمة للاستجابة للاحتياجات الأساسية للنازحين خاصة في ظل استمرار تدفق المزيد منهم إلى المدينة.
في السياق نفسه تحدث أحد الناشطين الشباب طلب عدم الكشف عن اسمه عن صعوبات كبيرة في حركة المتطوعين والوصول إلى النازحين داخل مراكز الإيواء، بسبب قيود تفرضها القوات الأمنية والعسكرية.
وقال لـ”دروب” إن القوات العسكرية منتشرة بكثافة في المدينة، وفرضت قيودا على حركة الشباب داخل المراكز، ومنعتهم من مشاركة أية معلومات تتعلق بالأوضاع الإنسانية داخلها.
وأضاف الناشط أن بعض الشباب الموجودين في المراكز تعرضوا لضغوط من جهات أمنية منعتهم من توثيق أو إخراج أية بيانات تخص النازحين وهو ما يفاقم من عزلة هؤلاء عن المجتمع المحلي والدولي، ويعقد من جهود تقديم المساعدة لهم.